لم يعد “العين التي ترى كل شيء”.. إخفاقات فاضحة لجهاز الموساد | سياسة – البوكس نيوز
البوكس نيوز – اخبار – نتحدث اليوم حول لم يعد “العين التي ترى كل شيء”.. إخفاقات فاضحة لجهاز الموساد | سياسة والذي يثير الكثير من الاهتمام والجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكما سنتناول بالتفصيل حول لم يعد “العين التي ترى كل شيء”.. إخفاقات فاضحة لجهاز الموساد | سياسة، وتعد هذا المقالة جزءًا من سلسلة المقالات التي ينشرها البوكس نيوز بشكل عام.
يستحضر رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار عمليات اغتيال قديمة نفذها الموساد جرت قبل نحو 50 عاما في التهديد باغتيال قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في كل مكان، في تجاوز للأعراف الدبلوماسية، مما أثار استنكارا من الدول التي ذكرها. وكان الموساد اليد الطولى لإسرائيل في تنفيذ مهام خارجية عديدة، لكن عمليات كثيرة فشلت فيها إلى حد الفضيحة.
وقال بار في تسريب صوتي “إن المجلس الوزاري المصغر حدد أهدافا للمخابرات، وهي القضاء على حماس ونحن مصممون على ذلك، إنها ميونخ الخاصة بنا” مضيفا أنه “سيتم ملاحقة قادة حماس في كل مكان، في غزة أو الضفة الغربية أو لبنان أو تركيا أو قطر وفي كل مكان، ربما يستغرق الأمر بضع سنوات..”.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أشار بدوره إلى منح الضوء الأخضر للموساد (هيئة الاستخبارات والمهمات الخاصة) لاغتيال قادة حماس في الداخل والخارج، وتم تشكيل فرقة لتنفيذها تحمل اسم “نيلي” وهي اختصار لجملة “نتساح يسرائيل لو ييشاكر” وهو اقتباس توراتي يعني “خلود إسرائيل سيبقى ” وفق ما نقلته الصحافة الإسرائيلية.
ويأتي هذا التهديد في خضم شكوك عديدة حول كفاءة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بأذرعها المختلفة، والفشل الذريع في توقع “طوفان الأقصى” والضربة القاسية بالمعنى الاستخباراتي والعسكري والسياسي التي شكلها هجوم المقاومة المفاجئ على غلاف غزة ومستوطناتها وثكناتها يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويشير محللون إسرائيليون إلى أن ما حدث ذلك اليوم قوّض سردية “العين التي تراقب كل شيء” التي أسبغت هالة من التفوق على الأذرع الاستخباراتية لإسرائيل، وبينها “الشاباك” (جهاز الأمن الداخلي) و”أمان” (شعبة الاستخبارات العسكرية) والتي تهدف إلى بناء سمعة أسطورية الأبعاد -خصوصا عن قدرات جهاز الموساد- تكرّس شعور شعوب المنطقة بالضعف.
ما قبل ميونخ وما بعدها
وبينما يشير بار إلى عملية ميونخ -التي نفذتها منظمة “أيلول الأسود” الفلسطينية في 5 سبتمبر/أيلول 1972 واستهدفت خطف رياضيين إسرائيليين خلال الألعاب الأولمبية الصيفية في ميونخ بألمانيا- مبررا لبدء إسرائيل سياسة الاغتيالات، تثبت الوقائع أن التصفيات والاغتيالات كانت عقيدة أمنية راسخة للحركة الصهيونية والعصابات التي تشكلت على أرض فلسطين ولسلطات إسرائيل منذ عام 1947.
فقد اغتالت العصابات الصهيونية الكونت فولك برنادوت يوم 17 سبتمبر/أيلول 1948، كما قامت بتصفية عدد من العلماء والسياسيين العرب والفلسطينيين قبل عملية ميونخ، وكانت آخرها قد طالت الأديب الراحل وعضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين غسان كنفاني يوم 8 يوليو/تموز 1972، بتفجير سيارته في بيروت، واستشهدت أيضا ابنة أخته ذات الـ17 عاما.
كما جرت محاولة اغتيال بسام أبو شريف رئيس تحرير مجلة الهدف التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والمفكر والكاتب أنيس صايغ مدير مركز الأبحاث الفلسطيني، بطرود مفخخة.
وجاءت عملية ميونخ ردا على رفض طلب مشاركة وفد فلسطيني بالألعاب الأولمبية الصيفية في ميونخ، وكذلك على عمليات الاغتيال الإسرائيلية وقصف قواعد الفدائيين الفلسطينيين بلبنان، ولفت أنظار العالم لعدالة القضية الفلسطينية، فنفذت “أيلول الأسود” بقيادة محمد داود عودة (أبوداود) وصلاح خلف (أبو إياد) عملية تسلل إلى القرية الأولمبية واحتجاز مجموعة من عناصر الوفد الإسرائيلي بهدف مبادلتهم بنحو 236 من الأسرى والرهائن الفلسطينيين والأجانب.
وكانت التوجيهات صريحة بعدم استعمال السلاح إلا للضرورة القصوى، لكن ارتباك السلطات الألمانية ومحاولة تحرير الرهائن الإسرائيليين بالقوة والخديعة بناء على نصيحة الموساد أدى إلى مواجهات بمطار فورشتنفيلد بروك العسكري، حيث قتل 11 رياضيا إسرائيليا و5 من عناصر “أيلول الأسود” إضافة إلى عنصرين ألمانيين. وكانت العملية مدوية بكل المقاييس، حيث أصبحت القضية الفلسطينية حديث العالم، لكن الإعلام الإسرائيلي والدعاية الغربية استثمرا في مقولات “الإرهاب”.
وردا على العملية العسكرية الفلسطينية، أمرت رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك غولدا مائير (1969-1974) بتشكيل فرقة اغتيالات أطلق عليها اسم “كيدون” (الرمح) بقيادة ضابط الموساد المخضرم مايكل هراري لتنفيذ سلسلة عمليات استخباراتية باسم “غضب الرب” وضمت “اللائحة إكس” للاغتيالات 12 مطلوبا فلسطينيا وعربيا للتصفية، بينهم وديع حداد، محمود الهمشري، الجزائري محمد بودية، سعيد حمامي، محمد داود عودة، صلاح خلف، وائل زعيتر، عاطف بسيسو، وغيرهم. وجاء علي حسن سلامة (الأمير الأحمر) على رأس اللائحة رغم أنه لم يكن ضمن قادة أو عناصر “أيلول الأسود”.
وجاءت العمليات الكثيرة الموجعة لإسرائيل، التي نفذتها “أيلول الأسود” أو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ضمن ما سمي المجال الخارجي في إطار واقع إقليمي ودولي يميزه مناخ الحرب الباردة. ونفذت ضمن ذلك الخط الفاصل بين مفهوم المقاومة، ردا على المجازر والاعتداءات الإسرائيلية والاغتيالات الممنهجة والمستمرة من دون موقف دولي واضح، وبين الوصم بالإرهاب الذي كان يلحق بمنفذيها وبالفلسطينيين عموما في تلك المرحلة.
ومثلت “حرب الأشباح” تلك بين المنظمات الفلسطينية -التي انتهجت أسلوب العمليات الفدائية والعنف الثوري في مواجهة إسرائيل- حربا مفتوحة في ساحات مختلفة من العالم، وأسندتها حركات يسارية وثورية كثيرة مثل “الجيش الأحمر” الياباني و”الألوية الحمراء” الإيطالية و”بادر ماينهوف” الألمانية ومنظمة “إيتا” الباسكية.
واستقطبت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (ومنظمات أخرى) الكثير من الثوار من مختلف أنحاء العالم على اعتبار أن الثورة الفلسطينية تشكل طليعة ثورة اشتراكية عالمية، وذلك في خضم المد اليساري في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي وإرهاصات حرب فيتنام وحلم التحرر والثورة الأممية.
الحقائق والبروباغندا
جاءت الاغتيالات التي نفذتها فرقة “كيدون” نمطية، واستهدفت في الغالب الشخصيات التي لا تلتزم بإجراءات أمنية حذرة أو هي غير معنية بذلك. وكان الأديب والمفكر والدبلوماسي وائل زعيتر (1934-1972) يمضي في الطريق الذي يسلكه كل يوم إلى شقته بالعاصمة الإيطالية دون حماية أو مرافقة أو إجراءات أمنية حاملا كتاب “ألف ليلة وليلة” الذي كان يعكف على ترجمته للإيطالية، حين اغتالته فرقة كيدون في 17 أكتوبر/تشرين الأول 1972. واخترقت إحدى الرصاصات الـ 11 هذا الكتاب.
وفي 6 أبريل/نيسان 1973، اغتيل في باريس المفكر والأكاديمي العراقي باسل الكبيسي (1934-1973) المناضل في صفوف الجبهة الشعبية والأستاذ بالجامعة الأميركية في بيروت، بإطلاق رصاصات كاتم صوت عليه، ولم يكن الراحل هدفا مستعصيا أو يتخذ إجراءات أمنية مشددة.
ولم يكن ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في باريس الراحل محمود الهمشري (1939-1973) متخفيا أو يعمل بمرافقة أو حراسة أو يتبع إجراءات أمنية خاصة حين اغتالته فرقة كيدون بعبوة ناسفة زرعت بهاتف منزله في باريس، وهو ما حدث مع الدبلوماسي حسين علي أبو الخير ممثل منظمة التحرير في قبرص بوضع عبوة ناسفة تحت سريره بالفندق الذي يقيم فيه.
وتشير المعطيات التاريخية إلى أن الموساد نجح غالبا في اغتيال الدبلوماسيين -الذين يفترض أنهم يحظون بحماية أمنية من البلدان التي يقيمون فيها- وكذلك المفكرين والأدباء والفنانين، ولكنه فشل في اغتيال معظم العناصر التي شاركت في عملية ميونخ أو ممن يتبعون إجراءات أمنية صارمة أو لديهم حس أمني عال، فلم يتمكن الوصول إلى أبو داود أو إليتش راميرز سانشيز (كارلوس).
ويؤكد المحلل السياسي والكاتب رونين بيرغمان -في كتابه الصادر عام 2018 بعنوان “انهض واقتل أولا.. التاريخ السري للاغتيالات الإسرائيلية”- أن الموساد لم يستطع تتبع أي ممن شاركوا بهذه الأحداث في إشارة إلى عملية ميونخ.
واستطاع الموساد في المقابل تصفية أبو إياد في تونس بظروف غامضة في 14 يناير/كانون الثاني 1991، وبسيسو في باريس في 8 يونيو/حزيران 1992، بعد تغير الكثير من المعطيات السياسية والأمنية والظروف الدولية.
وفي غالبية الأحيان، يعزى نجاح الموساد في تنفيذ عملياته الناجحة لتلقيه دعما لوجستيا واستخباراتيا كبيرا من سلطات الدول التي يعمل فيها، أو من عناصر نافذة بأجهزتها الأمنية، كما تغض تلك الدول الطرف عن نشاطات الموساد ضد العرب على أراضيها.
فقد كان الفنان والكاتب الجزائري محمد بودية والمناضل بصفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مُراقبا ومُتابعا بدقة من أجهزة المخابرات والشرطة السويسرية والفرنسية، وأدى تبادل المعلومات إلى اغتياله من قبل الموساد بتفجير سيارته في باريس يوم 28 يونيو/حزيران 1973، بعد عدة محاولات فاشلة.
سقطات الموساد الكبرى
مثّل يوم 21 يوليو/تموز 1973 فضيحة كبرى للموساد في بلدة ليلهامر النرويجية، حيث اغتالت فرقة كيدون بالخطأ النادل المغربي الشاب أحمد بوشيخي الذي كان يشبه المسؤول الأمني بحركة فتح علي حسن سلامة (1941-1979) المطلوب الأول للموساد وغولدا مائير شخصيا، والذي ورد اسمه على رأس “لائحة أكس” للاغتيالات في ذلك الوقت.
ولم تكن الفضيحة في اغتيال نادل شبيه بريء فحسب، بل في العملية الفوضوية برمتها، رغم أنها تمت تحت إشراف ميداني لكل من رئيس جهاز الموساد آنذاك تسيفي زامير ومايكل هراري الملقب بـ”جيمس يوند الصهيوني” أحد أشهر الضباط الميدانيين للجهاز. وقد تمكنا الاثنان من الفرار بأعجوبة من مسرح العملية، بينما قبضت الشرطة النرويجية على 6 من عناصر فرقة كيدون، وتم سجنهم ثم أطلق سراحهم لاحقا.
وتجلى هذا الفشل في إرسال 15 عميلا لاغتيال شخص واحد في قرية صغيرة هادئة، والخطأ في عملية المراقبة وتحديد الهدف بدقة، ثم إخفاء الأدلة والانسحاب الآمن. وتمكنت الشرطة النرويجية من القبض بسهولة على معظم المنفذين، حيث كانت تنتظرهم ببساطة في مكتب تأجير السيارات بعد عودتهم لتسليمها، كما قبض على بعضهم في الطريق إلى المطار ولديهم فواتير ووصولات مالية لمحاسبة الموساد. وقبض على عنصرين في منزل مسؤول أمن السفارة الإسرائيلية بأوسلو.
وأحدثت عملية الاغتيال الفاشلة أزمة مؤقتة في العلاقات بين النرويج وإسرائيل، رغم نفي الأخيرة تورط عملائها، مدعية أن القتلة ربما تصرفوا من تلقاء أنفسهم كأفراد، وأعادت فتح قضية مقتل بوشيخي. وعام 1998، أصدرت مذكرة جلب دولية بحق مايكل هراري، لكنها أغلقت قضيته العام التالي، مشيرة إلى أنه سيكون من المستحيل الحصول على إدانة بحقه.
وخلص التقرير -الذي صدر بعد انتهاء التحقيق في الأول من مارس/آذار 2000 إلى أن عملية ليلهامر “كانت انتهاكا لسيادة النرويج، وقضية خاصة بكل ما تحمله الكلمة من معنى”. وفي مقابلة مع صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية نشرت في الرابع من أبريل/نيسان 2014 اعترف هراري نفسه بالعملية، ووصف الأحداث التي أدت لمقتل بوشيخي بأنها سلسلة أخطاء.
ومثلت عملية ليلهامر فضيحة مدوية للموساد، وكانت سقطة هواة أعقبتها سقطات أخرى كثيرة تغلفها إسرائيل بالإنكار أو إسباغ هالات من البطولة على عمليات أخرى، أو من خلال نشر مؤلفات وأعمال سينمائية تسارعت وتيرة إنتاجها السنوات الأخيرة بهدف أسطرة الجهاز وترسيخ تفوقه.
ورغم نجاحها سابقا في اغتيال عدد من كوادر وقيادات حركة حماس، فإن العملية “سايروس” -التي أطلقتها إسرائيل على محاولة اغتيال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس (آنذاك) في عمّان يوم 25 سبتمبر/أيلول 1997- أيضا فضيحة أخرى، حين تم اعتقال عميلي الموساد المكلفين بعملية الاغتيال بالسم، وكشف العملية برمتها، مما تسبب في أزمة دبلوماسية بين إسرائيل والأردن.
كما جسدت عملية اغتيال محمود المبحوح القيادي بحركة حماس في 19 يناير/كانون الثاني 2010، في دبي، فضيحة أخرى للموساد في كيفية إدارتها، فقد تم تجنيد 30 عميلا من أجل تصفية شخص واحد، وكانت تحركات المنفذين مكشوفة ومريبة -رغم نجاحهم في التنفيذ- وتم كشف كامل أطوار العملية التي من المفترض أن تكون سرية ولا تترك أثرا.
وتمكن المحققون بسرعة من كشف تفاصيل العملية والضالعين فيها بدقة، انطلاقا من الأخطاء التي ارتكبها فريق الاغتيال، من بينها استخدام جوازات حقيقية (بريطانية وأسترالية) لأشخاص يعيشون في إسرائيل، واستعمال بطاقات الائتمان في تحركاتهم وعدم تعطيل الكاميرات بالأوقات المناسبة والارتباك في العملية نفسها، مما سبب أزمة دبلوماسية مع بريطانيا وأستراليا ودول أخرى تم استعمال جوازاتها.
وفي 28 سبتمبر/أيلول 2022، ارتكب الموساد فضيحة أخرى في كوالالمبور (ماليزيا) بشكل مشابه لعملية ليلهامر، حين استهدفت عملية استخباراتية خطف ناشط من حركة حماس، لكن عملاء الموساد فشلوا في تحديد هويته واختطفوا رفيقه الذي يجلس بجانبه في السيارة، بينما تدخل الأمن الماليزي لتحريره بسرعة وتمكن من تفكيك خلية من 11 عميلا للموساد.
ويشير المعلق الإسرائيلي باراك رافيد لموقع والا الإسرائيلي إلى أن “الأمر كان محرجا بشكل كبير، وربما أكبر إخفاق علني للموساد السنوات الأخيرة، ربما منذ قضية اغتيال المبحوح عام 2010″،
وتلطخ الموساد بفضيحة أخرى في ماليزيا، حين تم كشف شبكة تجسس اخترقت حواسيب الجهاز المركزي للشرطة تحت غطاء خبيرين يعملان بشركة حواسيب باسم “آسيا سوفت- ماليزيا” كانت تتولى تطوير نظم معلومات جهاز الشرطة. كما فككت تركيا خلية تابعة للموساد في مايو/أيار الماضي.
وكان جهاز الموساد (الذي تأسس بصيغته الجديدة عام 1951) قد بدأ عملياته الخارجية بفشل ذريع في مصر -عرفت عام 1954 بفضيحة لافون نسبة إلى وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك بنحاس لافون- عندما فككت المخابرات المصرية الوليدة خلية من اليهود خططت لعملية تفجير مرافق أميركية وبريطانية لإرباك النظام الجديد بالقاهرة تحت اسم “عملية سوزانا” واعتقل عناصرها، بينهم إيلي كوهين الذي زرعته إسرائيل لاحقا جاسوسا في سوريا.
القتل بلا رادع
في مقابلة تلفزيونية معه عام 2020، قال رئيس الموساد الأسبق تامير باردو (2011- 2016) إن جهاز الموساد عمليا عصابة لتنفيذ القتل المُنظّم في جميع أرجاء العالم، مشيرا إلى أن عملياته التي تبقى طي الكتمان تسمح له بذلك.
ولم يكن الموساد يتورع عن القتل الجماعي الذي يشمل الأطفال والنساء بتفجير السيارات في الشوارع ضد الأهداف وعمليات الاقتحام واستعمال الأسلحة الرشاشة، كما حدث في عملية فردان أو “ربيع الشباب” في بيروت يوم 10 أبريل/نيسان 1973، حين تم اغتيال كل كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار، وقتل أيضا في العملية -التي قادها آنذاك إيهود باراك متنكرا بزي نسائي- زوجة النجار، وامرأة أخرى و3 من عناصر الشرطة اللبنانية.
ووفقا لكتاب “انهض واقتل أولا.. التاريخ السري للاغتيالات الإسرائيلية ” للكاتب رونين بيرغمان، فقد أمر أرييل شارون الموساد يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول 1982 بإسقاط طائرة تحمل 30 طفلا فلسطينيا من مصابي مذبحة صبرا وشاتيلا بعد شكوك بوجود ياسر عرفات بين ركابها، لكن العملية أُلغيت في اللحظة الأخيرة بعد أن أُبلغ أن عرفات لم يكن على متنها.
وكانت الأوامر تشمل أيضا إسقاط أي طائرة يتم التأكد من أنها تقل رئيس منظمة التحرير الفلسطينية بقطع النظر عن عدد راكبيها، وقد وضعت طائرات حربية على أهبة الاستعداد الدائم لتنفيذ المهمة طوال أسابيع وأقلعت عدة مرات لتنفيذ المهمة قبل أن تتراجع.
ويشير بيرغمان أيضا -بناء على شهادات من ضباط ومسؤولين بالموساد- إلى أن شارون أمر بتنفيذ عملية “أولمبيا 2” التي كانت تقضي بتفخيخ مقاعد الشخصيات المهمة في ملعب بيروت، حيث كان من المنتظر أن يحضر عرفات وقيادات منظمة التحرير الفلسطينية أول يناير/كانون الثاني 1982 للاحتفال بذكرى اندلاع الثورة، وقد تم فعليا زرع كمية ضخمة المتفجرات تحت المقاعد، ووضع شاحنات وسيارات مفخخة بمخارج الملعب، قبل أن يتم إلغاء العملية التي كانت ستتسبب في مجزرة كبيرة.
ويشير الكتاب- الذي يحفل رغم ذلك بالمبالغات عن قوة الموساد- إلى أن الكثير من عمليات الاغتيال والتصفية التي قام بها الموساد وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية افتقدت إلى الأخلاق والمبادئ، حيث تعد إسرائيل الدولة الوحيدة التي قننت سياسات الاغتيالات باعتبارها عقيدة أمنية إستراتيجية.
وكانت عملية اغتيال الشيخ أحمد ياسين، زعيم ومؤسس حركة حماس يوم 22 مارس/آذار 2004، تجسيدا لغياب المبادئ والأخلاق والبطولة التي تحدث عنها الكتاب، حيث كان الرجل المقعد الذي يعاني من عدة أمراض يتنقل على كرسيه المتحرك يوميا في نفس المسار إلى المسجد هدف 3 صواريخ من مروحية أباتشي إسرائيلية.
ويعتمد الموساد منذ بداياته على قاعدة صلبة من الكفاءات التي جاءت من جميع البلدان بفعل الهجرات اليهودية وشبكة واسعة من المصالح والعلاقات والأعمال التجارية وتمويل هائل وشبكة معقدة من الجواسيس والعملاء بما سهل له مهامه، لكن الميزة الأساسية تتمثل في أن عمليات القتل التي يمارسها تتم برعاية الدولة، كما يتضح من تصريحات رونين بار وبنيامين نتنياهو.
وكشف تقرير لصحيفة هآرتس (عدد 24 أغسطس/آب 2018) أن ميزانية جهاز الموساد بلغت 2.3 مليار دولار، كما يوظف نحو 7 آلاف شخص بما يجعله ثاني أكبر وكالة تجسس بعد وكالة المخابرات المركزية الأميركية.
ورغم هذه القدرات، وبينما يستعد الموساد لما سماه “عملية ميونخ ثانية” جند فرقة “نيلي” لتنفيذها بناء على رعاية رسمية، يحضر تاريخ أسود للجهاز وعمليات خارجية كثيرة فاشلة وعوامل قصور لم تمحها الدعاية المكثفة، كما أن المتغيرات الكثيرة والمحاذير، والتحذيرات الصارمة التي أطلقتها الدول المستهدفة، قد تضّيق مسرح العملية وتتركها في دائرة التهديد.
وفي نهاية مقالتنا إذا كان لديك أي اقتراحات أو ملاحظات حول الخبر، فلا تتردد في مرسلتنا، فنحن نقدر تعليقاتكم ونسعى جاهدين لتلبية احتياجاتكم وتطوير الموقع بما يتناسب مع تطلعاتكم ونشكرًكم علي زيارتكم لنا، ونتمنى لكم قضاء وقت ممتع ومفيد معنا.