النرجسي وقود «المحتال» للابتكار والإبداع

النرجسي وقود «المحتال» للابتكار والإبداع

البوكس نيوز – رياضة – نتحدث اليوم حول النرجسي وقود «المحتال» للابتكار والإبداع والذي يثير الكثير من الاهتمام والجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكما سنتناول بالتفصيل حول النرجسي وقود «المحتال» للابتكار والإبداع، وتعد هذا المقالة جزءًا من سلسلة المقالات التي ينشرها البوكس نيوز بشكل عام.

العاصفة نيوز/متابعات /زياد فؤاد

كثيرة هي الأمثال الشعبية التي تتناول العلاقة بين الفشلة وإسقاطاتهم على الناجحين ومحاولة الحد من نجاحهم بالتقليل من شأنهم أو أهميتهم، وعبر التاريخ هناك الكثير من النماذج العالمية التي حاول فيها البعض التقليل من نجاحات علماء كبار لعرقلة مسيرتهم، وأشهر تلك الأمور ما تناولته الأوساط الطبية والعلمية في بداية القرن الماضي على العبقري الكميائي الفرنسي لويس باستور، مخترع البسترة ومكتشف العديد من العلاجات الطبية للبكتيريا والطفيليات، ومكتشف علاج داء الكلب وغيره من الأمراض، والذي كانت الأوساط العلمية تحاول دائما في فترته الحط من قدره باعتباره ليس طبيباً وبالتالي لا يحق له الحديث في الطب.

 

وكان الأطباء في المناقشات العلمية يحاولون جرجرته لمناقشات طبية ليثبتوا للعالم ولأنفسهم أنه ليس طبيباً ولا يحق له الكلام في الطب، ولكونه كان رجلاً قليل الكلام لم يدخل معهم في النقاشات أو ينجر في ذلك الجدل، وهو ما اعتبروه تكبراً منه، ولكن واقع الأمر كان مجرد معاناة أخرى للرجل مع متلازمة أخرى نفسية وهي الـ«إمبوستر سندروم»، التي تعني كترجمة «متلازمة المحتال»، وهي تلك المعاناة التي يعاني منها العباقرة بعدم الثقة في أنفسهم والإيمان بأنهم مازالوا بعد لم يعطوا أفضل ما لديهم.

 

وفي دراسة علمية للعالمين النفسيين ديفيد دانينغ وجاستن كروغر، بجامعة «كورنيل» نُشرت في عام 1999 بعنوان «دانينغ – كروغر إيفيكت»، قالت إن المتكبرين أو النرجسيين هم في حقيقة الأمر فشلة ويدركون أنهم فاشلون، وعند فشلهم في الأمور الموكلة لهم يستطيعون أن يبرزوا نجاحاً وهمياً ويوحوا للجميع كيف كان نجاحهم عظيماً.

 

وهم التفوق

 

«وهم التفوق»، تلك هي العبارة التي أطلقها العالمان دانينغ وكروغر على ما يفعله النرجسي أو المتكبر في نطاق العمل، حيث يجيدون إظهار تفوقهم شكلياً وظاهرياً، دون نجاح حقيقي على أرض الواقع، وهو على العكس تماماً من «متلازمة المحتال»، التي لا يستطيع فيها العبقري إظهار عبقريته نتيجة عدم تصديقه من الأساس لكونه عبقرياً.

 

وفي صراع الخير والشر، فدائماً ظاهرياً يبدو النرجسي كممثل للشر هو المنتصر، ولكن الدكتورة راماني ديورفاسيولا العالم النفسي في جامعة كاليفورنيا تقول، في تصريحات نشرتها «CNBC» الأمريكية، إن النرجسيين يحاولون دائماً إظهار قوتهم وتفوقهم الوهمي، بينما الآخرون يهزون رؤوسهم عن تصديق فعلي أو لتجنب المواجهة المباشرة، وهو ما اعتبرته دكتورة ديورفاسيولا أمراً خاطئاً وشددت على ضرورة مواجهتهم بحقيقتهم.

 

وقالت ديورفاسيولا: «لا تقف عاجزاً وتحاول أن تتجنب هؤلاء النرجسيين، لأن تأثير ذلك ضار على الجميع ويجعلهم يتمادون في نرجسيتهم، وعلاجهم يأتي دائماً بالمواجهة المباشرة وعدم السكوت عن تباهييهم بما هو ليس حقيقي».

 

وتقول ديورفاسيولا إن هناك 6 عبارات خالدة تأتي على ألسنة المصابين بمرض النرجسية، وتدلل على عمق إصابتهم بذلك المرض النفسي، لخصتهم في تلك العبارات:

 

1- «لا أريد الحديث عن نفسي، ولكن..»

 

وتقول ديورفاسيولا إن المريض بالنرجسية دائماً يسعى للحديث عن نفسه، في الوقت نفسه عقله الباطن يعاكسه ويجبره على نفي ذلك الأمر، وبالتالي تخرج تلك العبارة النافية للحديث عن الذات، مصحوبة بحديث كامل عن الذات.

 

2- «أعتذر لأنك فهمت بهذا الشكل»

 

يرفض المريض بالنرجسة الاعتراف بالخطأ، ولذلك يلجأ لحيلة دفاعية بتقديم الاعتذار عن فهم الآخرين الخاطئ لما يقول، بالرغم من أنه المخطئ في الأساس.

 

3- «لماذا تفترض ذلك عني»

 

يجيد النرجسي، وفقاً للدكتورة ديورفاسيولا، قلب الظلم مظلوميةً، فبدلاً من أن يُتهم بأنه ظالم، يحوّل الأمر وكأنه ضحية فهم المجتمع الخاطئ له.

 

4- «أنا شخص مشغول وليس لدي وقت لهذا الحديث»

 

يلجأ الشخص النرجسي دائماً لتلك الحيلة لإعطاء قدر لنفسه أكبر من حجمه الحقيقي، وأحياناً للهروب من الإجابات أو من انكشاف حقيقته.

 

5- «أتمنى أن تعلم مع من تتحدث»

 

جملة تهديدية دائماً يصدرها النرجسي لإثبات قوته وتجبره والإيحاء بعلو مكانته، ليستصغر الآخرين أنفسهم أمامه، فيخرج منتصراً.

 

6- «هذا ليس عدلاً»

 

تقول الدكتورة ديورفاسيولا إن النرجسيين يريدون أن تكون قوانين العالم على قدرهم ووفق رغباتهم، فالعدل هو عدلهم من وجهة نظرهم، حتى لو خالف قوانين الطبيعة، وما يرونه خادماً لمصالحهم فذلك العدل، وما يخالفها فهو ليس عدلاً.

 

التنافسية السلبية

 

الدكتور بولين روز كلانس، عالمة النفس بجامعة جورجيا الأمريكية المعروفة بأبحاثها في مجالات متلازمة المحتال والتأثيرات النفسية المرتبطة بها، قالت إن التفاعل مع الأشخاص النرجسيين يزيد من مشاعر الشك وعدم الاستحقاق لدى الأفراد، مضيفة: “الأشخاص الذين يعانون من متلازمة المحتال غالباً ما يشعرون بأنهم لا يستحقون النجاح، حتى لو حققوا إنجازات كبيرة. على النقيض، النرجسيون يميلون إلى تضخيم إنجازاتهم.. ومع ذلك، يمكن أن يتقاطع الشعور العميق بالدونية لدى بعض النرجسيين مع مشاعر متلازمة المحتال، حيث يخشون اكتشاف ضعفهم”.

 

وأشارت في أبحاثها إلى أن النرجسيين قد يخلقون بيئة تنافسية تؤثر سلباً فيمن حولهم، مما يزيد من الضغط على المحتالين للشعور بأنهم ليسوا كافين.

 

في الوقت الذي رأت فيه الدكتورة إيمي كودر، أستاذة علم النفس الاجتماعي بجامعة هارفارد، إنه لا تعارض بين المرضين النفسيين، معتبرةً أن بداخل كل نرجسي مريضاً بمتلازمة المحتال، وقالت: «الأفراد النرجسيون يعانون بداخلهم من متلازمة المحتال، هم غالباً ما يضعون غلافاً قوياً من الثقة الزائدة، لكن داخلهم يشعرون دائماً بالخوف من الفشل أو الافتضاح. إنهم يعيشون صراعاً دائماً بين هذه الغلاف الظاهري والشعور الداخلي بعدم الاستحقاق”.

 

وفي الاحتكاك بين الأمراض النفسية خاصة في بيئات العمل، يظل الصراع بين الأضداد وقوداً دافعاً للعمل، فربما دون النرجسيين، ما اندفع مصابو متلازمة المحتال إلى تجويد وإخراج أفضل ما لديهم، بينما لولا المتشككون في حالهم وفي قدراتهم ما حصل النرجسيون على مساحة لممارسة نرجسيتهم وتفاخرهم بذاتهم، أو كما يقول أوتو كيرنبرغ عالم النفس والمحلل النفسي الأمريكي ذو الأصول النمساوية: “النرجسيون الخفيون (vulnerable narcissists) يعانون من هشاشة داخلية تجعلهم يشبهون مرضى متلازمة المحتال؛ كلا الفريقين يعيش في خوف دائم من أن يتم اكتشاف حقيقته. الفارق هو أن النرجسيين يعوضون هذا الشعور بواجهة مفرطة من الثقة، قد تنغص على الأكثر تشككاً في ذاتهم حياتهم”.

 

والحقيقة فالغوص في النفس البشرية أمر غاية في التعقيد والتداخل، والدليل على ذلك التشابك بين متلازمة المحتال والنرجسية في بعض الحالات، خاصة عند النرجسيين الخفيين الذين يعانون من شعور داخلي عميق بالدونية والقلق من الفشل، وبينما يبني النرجسيون واجهات من الثقة الزائدة للتغطية على هذا الضعف، يشعر المصابون بمتلازمة المحتال بأنهم لا يستحقون النجاح ويخافون من “اكتشاف” حقيقتهم.

وفي نهاية مقالتنا إذا كان لديك أي اقتراحات أو ملاحظات حول الخبر، فلا تتردد في مرسلتنا، فنحن نقدر تعليقاتكم ونسعى جاهدين لتلبية احتياجاتكم وتطوير الموقع بما يتناسب مع تطلعاتكم ونشكرًكم علي زيارتكم لنا، ونتمنى لكم قضاء وقت ممتع ومفيد معنا.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: لا يمكنك نسخ المقالة