مكملات الكركمين.. هل هي معجزة طبية حقا؟ – البوكس نيوز
البوكس نيوز – اخبار – نتحدث اليوم حول مكملات الكركمين.. هل هي معجزة طبية حقا؟ والذي يثير الكثير من الاهتمام والجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكما سنتناول بالتفصيل حول مكملات الكركمين.. هل هي معجزة طبية حقا؟، وتعد هذا المقالة جزءًا من سلسلة المقالات التي ينشرها البوكس نيوز بشكل عام.
أصبح الكركمين مؤخرا أحد المكملات الصحية الأكثر شهرة في الأسواق، وستجد الحديث عن فوائده الصحية حولك في كل مكان من مواقع التواصل إلى شاشات التلفاز. إذا كنت تصدق كل ما تسمعه، فسوف تعتقد أن مكملات الكركمين “معجزة” طبية وصحية، لكن هل هذا الادعاء صحيح حقا؟
استخدام واسع النطاق
اكتسب الكركم، وهو نبات طويل القامة من عائلة الزنجبيل موطنه الأصلي آسيا ويُصنع منه التوابل الصفراء الزاهية المستخدمة غالبا في الكاري والخردل والحليب الذهبي، شهرة واسعة باعتباره طعاما فائق الجودة، وإلى جانب ذلك رُوِّج لخصائصه المضادة للالتهابات وأنه من المضادات الفعالة للأكسدة، وأن بإمكانه تقديم دفاع طبيعي ضد السرطان ومرض ألزهايمر (1).
الكركمين هو مادة كيميائية مميزة ذات لون أصفر مائل للبرتقالي تُستخلَص من جذور الكركم، وهي سبب لونه الأصفر. وعادة ما تعزى أنشطة الكركم وما يستطيع تحقيقه من فوائد صحية إلى الكركمينويدات (الكركمين والمواد ذات الصلة الوثيقة)، إلى درجة أن هناك الآلاف من المنشورات والمئات من براءات الاختراع القائمة على بيان دور الكركمين في الوقاية ومعالجة الكثير من الأمراض.
أضف إلى ذلك أن الكركمين يُدمج في منتجات التجميل التي تدّعي أنها تساعد في علاج حب الشباب والإكزيما، وتساعد على الوقاية من حدوث جفاف الجلد. تتوقع بعض التقارير أن يصل حجم سوق الكركمين العالمي إلى 191 مليون دولار بحلول عام 2028 (2) (3).
هل الكركمين علاج فعال حقا؟
حسنا، دعنا نخبرك أن الحديث عن فوائد الكركمين ليس أمرا عبثيا تماما. تُظهر التجارب السريرية أن الكركمين قد يساعد في مكافحة التهاب المفاصل وبعض الأمراض الأخرى، ولكن هناك مشكلة أساسية يتسم بها الكركمين، هذه المشكلة هي التوافر البيولوجي، أو كيفية وصوله إلى الدم. في منتصف التسعينيات، كان جاك أربيزر ونانسي ديمور، وهما باحثان شابان في كلية الطب بجامعة هارفارد، يستكشفان خيارات علاجية جديدة للسرطان، حينها صادفا بعض الأبحاث التي تُشير إلى أن الكركمين يمكن أن يمنع نمو أنواع مختلفة من الخلايا السرطانية في أنبوب الاختبار. أثار هذا الأمر اهتمامهما بدرجة كبيرة، وبعد إجراء عدّة بحوث اكتشفا أن الكركمين يمكن أن يمنع تكوين أوعية دموية جديدة، في عملية تحتاج إليها جميع الأورام للحفاظ على نفسها (4).
منذ ذلك الحين، أصبح هناك العديد من الدراسات التي تستخدم الكركمين في التجارب السريرية على المرضى الذين يعانون من سرطان البنكرياس، وسرطان الثدي، وغيرها. لكن حماس الباحثين لهذه المادة تراجع عندما بدأ اختبار الكركمين على البشر، حيث اتضح أن هذه المادة تتمتع بتوافر حيوي سيئ للغاية، يُقصد بالتوافر الحيوي المعدل الذي يمتص به الجسم مادة ما، ما يجعل من المستحيل تقريبا الحصول على تركيزات عالية كافية من الكركمين في الدم من خلال تناول المكملات الغذائية عن طريق الفم وحده.
جعل هذا الأمر الاهتمام العلمي بالكركمين يتضاءل بدرجة كبيرة. لكن في السنوات الأخيرة، أدى التقدم في تقنيات توصيل الأدوية إلى تجديد الاهتمام به، حيث تُستَكشف أنظمة الجسيمات النانوية بوصفها وسيلة لإيصال جرعات عالية من الكركمين إلى الأورام. أيضا أظهرت بعض الأبحاث أن الجمع بين الكركمين والبيبيرين، وهو العنصر النشط الرئيسي في الفلفل الأسود، في مركب واحد، يمكن أن يزيد من التوافر البيولوجي للكركمين بأضعاف، رغم أنه لا يزال يتعين إثبات ما إذا كان هذا يمكن أن يساعد في تحقيق فائدة لدى البشر (5).
في حين أن هناك الآن مجموعة كاملة من المكملات الغذائية الجاهزة للاستخدام التي تجمع بين الكركمين والبيبيرين، لكن لا تزال هناك تحديات أمام العلماء الذين يتطلعون إلى استخدام هذا المركب طبيا. أحد هذه التحديات هو أن البيبيرين يثبط مجموعة متنوعة من الإنزيمات التي تساعد في استقلاب الأدوية، وهو ما يجعل استخدام هذه المكملات بحاجة إلى المزيد من الأبحاث لاستكشاف مدى زيادة خطر الآثار الجانبية لدى المرضى الذين يتناولون أدوية طبية أخرى.
تظهر مشكلة مشابهة عند استخدام الكركمين مضادا للالتهابات. أثبتت التجارب أن الكركمين يعمل على تقليل آلام المفاصل وتحسين الالتهابات عند جرعة تتراوح بين 500-1000 ملغم يوميا، وهو ما يعادل نحو 10 غرامات من الكركم. يعني ذلك أن الغالبية العظمى من مكملات الكركم لا تحتوي على ما يكفي من العنصر النشط لتكون فعالة (6)، لأن الجرعة المطلوبة لإحداث تأثير علاجي تتخطى الحاجز المسموح به من المادة.
كذلك في حين أن من الصحيح أن الكركم والكركمين يمتلكان مجموعة متنوعة من الأنشطة البيولوجية المثيرة للاهتمام، فإن من الصعب دراستها لأن الكركمين غير مستقر، فهو يتحول بسهولة إلى مواد أخرى، وهو ما يجعل من الصعب على الدراسات أن تصل إلى نتائج مؤكدة. بالإضافة إلى ذلك، قد تختلف منتجات الكركمين في التركيب وتحتوي على مواد مختلفة عن بعضها بعضا، مما يجعل نتائج الأبحاث المتعلقة بهذه المنتجات صعبة الفهم والمقارنة، ونتيجة ذلك كله لم تظهر بعد أي استنتاجات حاسمة حول الفوائد العلاجية لهذه المادة.
مبالغات إعلامية
لا تقف المشكلات في التعامل مع الكركمين عند هذا الحد. فعندما نظر المراجعون في التجارب السريرية والدراسات الوبائية الحديثة حوله، لاحظوا أن نتائج الأبحاث في كثير من الأحيان لم تُترجم بشكل صحيح في وسائل الإعلام، أو تعرضت لمبالغات كبيرة. تشير مراجعة نُشرت عام 2017 للأدبيات العلمية حول الكركمين إلى أن هذا المركب له فوائد صحية فعلية محدودة، و”لا يرقى إلى مستوى هذا الضجيج الذي صُنع حوله”. في المقابل، أكد المؤلف المشارك في المراجعة مايكل والترز أن العديد من الدراسات التي تروج لفوائد الكركمين المتعددة كانت تهدف بشكل كبير إلى تحقيق بعض “المصالح” التجارية والمادية، وقام عليها باحثون لديهم علاقات مع شركات المكملات الغذائية التي ستحقق استفادة مادية مباشرة من زيادة مبيعات مستخلص الكركمين.
في الوقت نفسه، غالبا ما تتجاهل التغطيات الإعلامية الحديث عن الدراسات التي تتناول أضرار الكركمين (7). تشير نتائج بحثية إلى أن تناول مكملات الكركم بكميات كبيرة يؤدي إلى ظهور بعض الأعراض غير المرغوبة. مثلا، يحتوي الكركم على نسبة من مادة الأوكسالات المسؤولة عن تكوين حصوات الكلى. بالإضافة إلى ذلك، ليست كل مساحيق الكركم التجارية نقية، بعضها قد يكون مغشوشا، وهذا يعني أنه تُضاف مكونات أرخص، وربما تكون سامة، ولم تُدرج على الملصق.
كشفت بعض الدراسات عن أن مساحيق الكركم التجارية قد تحتوي على مواد حشو مثل نشا الكسافا أو الشعير والقمح أو دقيق الجاودار، هنا يمكن أن يسبب تناول الكركم الذي يحتوي على دقيق القمح أو الشعير أو الجاودار أعراضا ضارة لدى الأشخاص الذين يعانون من عدم تحمل الغلوتين أو مرض الاضطرابات الهضمية. أيضا وجدت البحوث أن بعض منتجات الكركم ملوثة بالمعادن الثقيلة مثل الرصاص، التي يمكن أن يكون لها آثار ضارة على الصحة (8).
قد تحتوي بعض مساحيق الكركم أيضا على ملونات غذائية مشكوك في مدى صحتها، التي تُضاف لتحسين اللون، أحد ملونات الطعام المستخدمة بشكل متكرر في الهند هو أصفر الميتانيل. تُظهر الدراسات التي أُجريت على الحيوانات أن أصفر الميتانيل قد يسبب السرطان وتلفا عصبيا عند تناوله بكميات كبيرة.
أيضا قد يتداخل الكركم مع عمل بعض الأدوية التي يتناولها الشخص. على سبيل المثال، يمكن أن يتداخل تناول الكركمين مع الأدوية المضادة للتخثر أو مخففات الدم مثل الأسبرين ويؤدي إلى زيادة آثارها ومن ثم حدوث نزيف مفرط. وأخيرا، ثبت أن الجرعات العالية للغاية من مكملات الكركمين التي تبلغ 2600 مغم/كغم من وزن الجسم يوميا لمدة طويلة قد تسبب بعض الآثار الجانبية الخطيرة في الجرذان. وتشمل هذه الآثار زيادة في حجم الكبد، وتصبغ الفراء، وقرحة المعدة، والالتهابات، وزيادة خطر الإصابة بسرطان الأمعاء أو الكبد (9).
——————————————————————————-
المصادر:
1- Turmeric May Not Be a Miracle Spice After All
2- Does turmeric’s reputation translate into real health benefits?
3- Turmeric
4- Curcumin Is an In Vivo Inhibitor of Angiogenesis
5- Curcumin: A Review of Its’ Effects on Human Health
6- The Actual Health Benefits Of Turmeric: Facts Vs Myths
7- The Essential Medicinal Chemistry of Curcumin
8- Curcumin Will Waste Your Time
9- Does Too Much Turmeric Have Side Effects?
وفي نهاية مقالتنا إذا كان لديك أي اقتراحات أو ملاحظات حول الخبر، فلا تتردد في مرسلتنا، فنحن نقدر تعليقاتكم ونسعى جاهدين لتلبية احتياجاتكم وتطوير الموقع بما يتناسب مع تطلعاتكم ونشكرًكم علي زيارتكم لنا، ونتمنى لكم قضاء وقت ممتع ومفيد معنا.