البلوش.. عرقية استعصت على الذوبان في الإمبراطوريات والتبعية للجمهوريات | الموسوعة – البوكس نيوز
البوكس نيوز – اخبار – نتحدث اليوم حول البلوش.. عرقية استعصت على الذوبان في الإمبراطوريات والتبعية للجمهوريات | الموسوعة والذي يثير الكثير من الاهتمام والجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكما سنتناول بالتفصيل حول البلوش.. عرقية استعصت على الذوبان في الإمبراطوريات والتبعية للجمهوريات | الموسوعة، وتعد هذا المقالة جزءًا من سلسلة المقالات التي ينشرها البوكس نيوز بشكل عام.
البلوش مجموعة عرقية يتمركز معظمها في منطقة بلوشستان الموزعة بين دول باكستان وإيران وأفغانستان، مع وجود أقليات في مناطق أخرى كالهند ودول الخليج. وتشير أدبياتهم إلى أصل عرقي مشترك يجمعهم، على الرغم من تعاقب إمبراطوريات عديدة حكمت مناطقهم على مدى آلاف السنين، ويتميزون من حيث اللغة والثقافة والنظم الاجتماعية عن كل المجموعات الإثنية المجاورة لهم.
يشكون من التهميش، خاصة في باكستان وإيران، اللتين يرون أنهم ضموا إليهما قسرا فصاروا فيهما أقلية، ومع منتصف القرن العشرين واكتشاف الغاز الطبيعي في مناطق البلوش ظهرت حركات مسلحة عدة تطالب بالاستقلال.
العرق والأصول
يعتقد البلوش المتوزعون على 3 بلاد، بالأصل المشترك لمجموعتهم العرقية، ويتحدثون عن شجرة أنساب تجمعهم بقبيلة قريش العربية، وأخرى تشير إلى انحدارهم من نسل الملك البابلي بيلوس، بينما يرى الدكتور تاج محمد بريسيك في كتابه “القومية البلوشية: أصولها وتطورها” أن البلوش احتضنوا واستوعبوا ضمنهم مجموعات صغيرة أخرى ما يجعلهم أمة ذات مشارب عرقية مختلفة.
وتشير بعض المصادر التاريخية إلى أنهم كانوا مجموعة بدو رحّل ثم مارسوا النشاطات الزراعية، واستقروا في مناطق تمركزهم الحالية المعروفة بإقليم بلوشستان، الذي يُعتقد -أيضا- أنه كان منطقة مأهولة بمزيج من الشعوب الإيرانية والهندية.
لا توجد إحصاءات رسمية دقيقة لأعداد البلوش، إلا أن التعداد السكاني في إقليم بلوشستان الباكستاني الذي يسكنه البلوش والبشتون وصل في 2023 إلى 21.9 مليون نسمة وفقا للإحصاءات الحكومية، بينما يصل عدد سكان سيستان وبلوشستان الإيرانية إلى مليوني و700 ألف نسمة، وفقا لإحصاءات في 2016. بينما تقدر بعض الإحصاءات عدد السكان البلوش في أفغانستان بأنه يزيد على 600 ألف نسمة.
اللغة
يتحدث البلوش لغة مشتركة تعرف بالبلوشية، وهي غنية بالمفردات والتعابير الاصطلاحية والموروث الأدبي، ولها قواعدها الخاصة، وتنقسم إلى لهجتين رئيستين؛ هما: البلوشية الشرقية والبلوشية الغربية، وتصنف ضمن اللغات الإيرانية الهندوأوروبية.
النظام الاجتماعي
يقوم النظام الاجتماعي لدى البلوش على العشائر التي تنتمي للقبيلة، ويقدّر عدد قبائلهم بالمئات، وخلال حقبة الاستعمار البريطاني استحدث مجلسا ملكيا يضم سردارات القبائل (القادة/الشيوخ).
ولا يزال النظام الاجتماعي القبلي مسيطرا لدى البلوش، على الرغم من ظهور الأحزاب السياسية ومحاولات باكستانية لإلغائه بقوة القانون.
التراث والعادات
تجمع البلوش عادات مشتركة وأغان وملابس تقليدية، وعلى الرغم من أن مجموعاتهم الموجودة في السند والبنجاب، لم تعُد تتحدث البلوشية إلا أنها تغني في حفلات الزواج أغاني البلوش التقليدية، وتشترك معهم في الملابس التقليدية “بلوجي دوج” (الخياطة البلوشية)، وغير ذلك مما يميزها عن القوميات التي تقيم بينها.
ويوصف التراث الشعبي والفولكلور البلوشي بأنه قومي المحتوى، ويشترك في تمجيد صحاري وجبال بلوشستان وشجاعة وفخر وشرف الشعب البلوشي وأبطاله شبه الأسطوريين.
الدين
يعتنق البلوش الدين الإسلامي على المذهب السني في الاعتقاد، وأغلبهم على المذهب الفقهي الحنفي.
أرض البلوش
يستوطن معظم البلوش إقليم بلوشستان (اسم يعني أرض البلوش)، الذي يقع في أقصى الجنوب الشرقي للهضبة الإيرانية، وتحدّه الصفيحة الهندية جنوبا وساحل بحر العرب غربا، ويضم مناطق من جنوب غرب باكستان فيما يعرف بإقليم بلوشستان الباكستاني، وعاصمته مدينة كويتا، وجنوب شرق إيران فيما يعرف بسيستان بلوشستان وعاصمته زاهدان، وأجزاء من جنوب أفغانستان بشكل رئيس في مقاطعة نمروز وهلمند وقندهار.
يتوفر الإقليم على موارد مهمة من بينها الغاز الطبيعي والذهب، ويعدّ ذا أهمية جغرافية وإستراتيجية كبيرة لربطه 3 دول وإطلاله على إحدى الطرق التجارية المهمة في مشروع الممر الاقتصادي المشترك بين الصين وباكستان، من خلال ميناء جوادر الواقع على بحر العرب، الذي يوصف بأنه يتيح للصين السيطرة على التجارة في المحيط الهندي، ويشكل تهديدا للمصالح الاقتصادية الأميركية والعربية والإيرانية والهندية.
بينما يقيم بعض البلوش في مناطق من الهند ودول الخليج العربي وغيرها، ورغم توزعهم يحافظ البلوش على وحدتهم أمة ذات مشتركات ثقافية واجتماعية.
التاريخ
تقول بعض الدراسات التاريخية إن البلوش هم السكان الأصليون لإقليم بلوشستان منذ آلاف السنين، بينما يرى مؤرخون آخرون أن أصولهم عربية، وانتقلوا من الأراضي العربية للعيش في تلك المناطق قبل حوالي 2000 سنة.
وخضعت منطقة عيشهم لحكم الإمبراطورية الفارسية الأخمينية ثم الهندية، كما خضعت لحكم المقدونيين والغزنويين والسلاجقة والمغول، ثم خضعت لسيطرة الإمبراطورية الفارسية الساسانية، ثم إلى سيطرة سلالة الراي في السند، وفي 644 م انتصر المسلمون على سلالة الراي في معركة راسيل وغزا مكران، لتخضع بلوشستان للحكم الإسلامي.
وابتداء من القرن 16 انقسمت بلوشستان إلى مناطق سيطرة بين الإمبراطورية الفارسية الصفوية إلى الغرب، وإمبراطورية المغول شرقا، وبعد انهيار الإمبراطوريتين، انقسمت بلوشستان إلى إمارات صغيرة وقع بعضها تحت سيطرة أفغانستان مع شيء من الاستقلالية، ومن هذه الإمارات: إمارة قلات التي تقع حاليا في بلوشستان الباكستانية.
وبعد الاحتلال البريطاني لشبه القارة الهندية ضمت أجزاء بلوشستان الواقعة ضمن أراضي كلٍّ من باكستان وأفغانستان، وبقي الجزء الآخر تحت سيطرة الفارسيين في إيران، ورسّمت الحدود بين بريطانيا والإيرانيين في 1871.
صراع من أجل الاستقلال
في 12 أغسطس/آب 1947 أعلنت إمارة قلات استقلالها، وبعد أن استقلت باكستان في العام نفسه أقامتا علاقات في مجال الدفاع والخارجية، إلا أن باكستان سرعان ما ضمت قلات إلى باكستان في 1948، وحسب المتمردين البلوش فإن خان قلات، الذي يمثل الزعامة أُجبر على توقيع معاهدة الانضمام.
وظهر التمرد العسكري البلوشي ضد الحكم الباكستاني في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، ثم عاد بقوة بعد وصول برويز مشرف إلى السلطة واستحداث ثكنات عسكرية في أرض البلوش، وعززت من التوتر حالة التهميش التي يعيشها الإقليم الغني بالثروات الطبيعية.
ومن أبرز الجماعات الانفصالية البلوشية التي قاتلت ضد الدولة الباكستانية: جيش تحرير بلوشستان، وجيش بلوشستان الوطني، وجبهة تحرير بلوشستان.
وعلى الجانب الإيراني ظهرت حركات التمرد البلوشية نتيجة للتهميش مع بعض الخلفيات الطائفية، ومن أبرز الجماعات التي تنشط في سيستان بلوشستان (الواقعة ضمن الحدود الإيرانية) جماعة جند الله وجماعة جيش العدل، وهي حركات انفصالية ذات نزعة دينية سُنِّيَّة، يعتقد بعض المؤرخين أنها على ارتباط بتنظيم القاعدة.
أما أفغانستان فقد حافظت أنظمتها المتعاقبة على علاقة مستقرة مع قومية البلوش، التي تمتعت بحقوق مدنية من بينها التعليم بلغتها الأم، حتى باتت توصف بأنها ملاذ لقادة الانفصاليين من باكستان وإيران.
المصدر : مركز البوكس نيوز للدراسات + مواقع إلكترونية