جانب من مأزِق واشنطن في الحرب من صنع يدَيها | آراء – البوكس نيوز
البوكس نيوز – اخبار – نتحدث اليوم حول جانب من مأزِق واشنطن في الحرب من صنع يدَيها | آراء والذي يثير الكثير من الاهتمام والجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكما سنتناول بالتفصيل حول جانب من مأزِق واشنطن في الحرب من صنع يدَيها | آراء، وتعد هذا المقالة جزءًا من سلسلة المقالات التي ينشرها البوكس نيوز بشكل عام.
10/11/2023–|آخر تحديث: 10/11/202306:09 م (بتوقيت مكة المكرمة)
مع أنَّ الدعم الكامل الذي تُبديه الولايات المتّحدة لإسرائيل – في الحرب الهمجيّة التي تشنّها منذ نحو شهر على قطاع غزّة- لا يُمكن تبريرُه من منظور أخلاقيّ أو حتّى من منظور سياسيّ واقعيّ للعلاقات الأميركية- الإسرائيلية، فإنّه لا يتناقض مع إحدى الحقائق التاريخيّة للصراع الفلسطينيّ- الإسرائيليّ، وهي أنَّ الدعم الحالي الذي تُقدمه إدارةُ الرئيس جو بايدن لإسرائيلَ مطبوعٌ في الحَمض النوويّ السياسيّ لبايدن على غرار أسلافه الأميركيّين السابقين.
مع ذلك، فإنّه على مرّ المنعطفات التاريخية في القضية الفلسطينية، نادرًا ما كانت الولايات المتحدة تجد نفسها عاجزةً إلى هذا الحدّ في ممارسة نفوذها وتأثيرها، كما هو الحال عليه في الحرب الراهنة. لقد مضت خمسة عقود على حرب أكتوبر التي بدت فيها واشنطن بمثل هذا العجز؛ عندما أدّى دعمها إسرائيلَ إلى فرض حظر نفطيّ عربيّ عليها. لا تواجه الولايات المتّحدة اليوم خطر التعرّض لحظر نفطي عربي آخر، لكنّها قد تواجه ما هو أسوأ من ذلك.
فمن جانب، وعلى الرغم من الإيحاءات التي يُرسلها المسؤولون الأميركيون بأنّهم يمارسون ما يكفي من الضغط على إسرائيل لحملها على تجنّب استهداف المدنيين في غزة، واحترام قواعد القانون الدوليّ والإنسانيّ في الحرب، فإنّه لا يوجد على أرض الواقع ما يُمكن أن يدفعنا لتصديق ذلك.
إنّ السياسة الأميركية في الحرب لا تؤدي فقط إلى زيادة عدوانية الحرب الإسرائيليّة تجاه الفلسطينيين، بل تعمل أيضًا على إضعاف فرص إنهاء هذه الحرب في أسرع وقت، وخلق آفاق جدية لتحويلها إلى فرصة لإعادة تنشيط عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين
إنَّ الطريقة الوحيدة التي تستطيع بها الولايات المتحدة إجبار إسرائيل على التوقّف عن ارتكاب المجازر اليومية بحقّ الفلسطينيين، الامتناعُ عن مواصلة تزويدها بالأسلحة، وليس إعطاء النصائح لها، وهذا ما لا يُمكن توقّعه بأي حال من أي إدارة أميركية.
مع ذلك، فإنَّ الموقف الأميركيّ، اليوم، يُجسّد سنوات طويلة من الفشل في إدارة الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. لعقود، كانت الولايات المتحدة عاجزةً عن ممارسة نفوذها على إسرائيل من أجل دفعها إلى قَبول حلّ الدولتَين، وأيضًا ردعها عن مواصلة الاستيطان.
رغم أنّ إدارة الرئيس السابق باراك أوباما يُسجل لها دفع مجلس الأمن الدوليّ في عام 2016 إلى إصدار قرار يحثّ على إنهاء المستوطنات الإسرائيليّة في الأراضي الفلسطينية، فإنَّ خلفه دونالد ترامب أوغل بعد ذلك في تشجيع العدوانيّة الإسرائيلية من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوريّ المحتل، وتسويق مشروع صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينيّة تمامًا.
من جانب آخر، يُعمق الموقف الأميركيّ في الحرب من مأزِق علاقات الولايات المتحدة مع دول المنطقة ومصداقيّتها كقوّة عالمية قادرة على إحداث استقرار في الشرق الأوسط. لقد أمضى وزير الخارجية الأميركيّ أنتوني بلينكن في جولته الأخيرة للمنطقة ساعات طويلة من المحادثات مع نظرائه من بعض الدول العربية في العاصمة الأردنية عمّان من أجل الحصول على تأييدهم لمقترح فرض “هدنة إنسانية” في قطاع غزّة، وهو مقترح مُصمم لتخفيف الضغط العالمي على إسرائيل، مع عدم تكبيل آلتها العسكريّة في مواصلة القتل في غزّة.
كما سعى إلى تسويق مشروع أميركيّ لدفع الدول العربيّة إلى الانخراط في مشروع إدارة غزّة بعد القضاء المفترض على حركة حماس، وهو مُقترح مُصمّم أيضًا من منظور أميركي ـ إسرائيليّ لدفع دول المنطقة إلى الانخراط في مشروع إخراج غزّة من المعادلة العسكرية للصراع.
إنّ السياسة الأميركية في الحرب لا تؤدي فقط إلى زيادة عدوانية الحرب الإسرائيليّة تجاه الفلسطينيين، بل تعمل أيضًا على إضعاف فرص إنهاء هذه الحرب في أسرع وقت، وخلق آفاق جدية لتحويلها إلى فرصة لإعادة تنشيط عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والنظر إلى الأسباب الجوهرية العميقة التي أدّت لهذا الانفجار، والتي تتمثل بالسياسات الإسرائيلية العدوانية التي قوّضت فرص السلام.
إنَّ المقترحات الأميركيَّة- على غرار “الهدن الإنسانيّة”، وإيجاد ترتيب لغزّة بعد حماس، علاوة على أنّها مُصممة لمساعدة إسرائيل في مواصلة حربها على غزة بضغط إقليميّ ودوليّ أقلّ- تُظهر كيف أنَّ الولايات المتّحدة عاجزة عن بلورة رؤية فعَّالة قادرة على التعامل مع الأسباب الجوهرية العميقة لهذا الانفجار.
رغم أن الولايات المتحدة تُحمّل حركة حماس مسؤولية الحرب، فإنّ الأخيرة طرحت الرؤية التي كان ينبغي على الأميركيين منذ فترة طويلة طرحها، وهي السلام على أساس حلّ الدولتين. وإذا كان هناك من فرصة يُمكن لواشنطن من خلالها إعادة تنشيط حل الدولتَين، فإنَّ الفضل في ذلك يعود للصدمة التي أحدثتها حركة حماس في عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر. على مدى العقود الماضية، فشلت الولايات المتحدة في رعاية عملية سلام جدّية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وحرب أكتوبر الجديدة لم تكن سوى إحدى نتائج هذا الفشل.
هذه الحرب- بقدر ما تُشكل تحديات كبيرة إضافية على السياسة الأميركيّة في الصراع، وعلى المصالح الأميركية في الشرق الأوسط – تُشكل فرصة لواشنطن للتعويض عن عقود من فشلها والضغط على إسرائيل للدخول في عملية سلام حقيقية مع الفلسطينيين.
حتَّى قبل اندلاع الحرب، كانت الولايات المتحدة تواجه صعوبات في إظهار مكانتها القوية في الشرق الأوسط؛ بفعل تراجع علاقاتها مع حلفائها الأساسيين، مثل: السعودية، وتركيا وجزئيًا إسرائيل. وكانت تسعى إلى التوسّط في صفقة تاريخية بين إسرائيل والسعودية، وإيجاد بعض التفاهمات مع إيران للحدّ من البرنامج النووي الإيراني.
لم يعد بالإمكان الآن تصوّر أنَّ شرقًا أوسطَ أكثر استقرارًا سيواصل النمو. بالإضافة إلى ذلك، تجد روسيا والصين في مأزِق الولايات المتحدة- في الموازنة بين دعم إسرائيل، وعدم الإضرار بمكانتها في الشرق الأوسط – فرصةً لتعميق نفوذهما في المنطقة. مع ذلك، يُمكن لهذه الحرب أن تؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيز الدور الحاسم الذي تلعبه الولايات المتحدة في المنطقة، إذا ما استطاعت النظر إلى ما هو أبعد من حسابات بنيامين نتنياهو في الحرب.
وفي نهاية مقالتنا إذا كان لديك أي اقتراحات أو ملاحظات حول الخبر، فلا تتردد في مرسلتنا، فنحن نقدر تعليقاتكم ونسعى جاهدين لتلبية احتياجاتكم وتطوير الموقع بما يتناسب مع تطلعاتكم ونشكرًكم علي زيارتكم لنا، ونتمنى لكم قضاء وقت ممتع ومفيد معنا.