سلاح الأنفاق.. قصة غزّة التي تحت الأرض | أخبار – البوكس نيوز
البوكس نيوز – اخبار – نتحدث اليوم حول سلاح الأنفاق.. قصة غزّة التي تحت الأرض | أخبار والذي يثير الكثير من الاهتمام والجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكما سنتناول بالتفصيل حول سلاح الأنفاق.. قصة غزّة التي تحت الأرض | أخبار، وتعد هذا المقالة جزءًا من سلسلة المقالات التي ينشرها البوكس نيوز بشكل عام.
وصفتها حماس بـ “السلاح الإستراتيجي”، وحاول الاحتلال تحويلها إلى مقبرة جماعية لمقاتلي ” كتائب القسّام” خلال معركة “سيف القدس” في مايو/أيار 2021، وشكّلت عملية حفرها وتوسيعها داخل القطاع المحاصر والمراقب، نموذجًا أسطوريًا على “صراع الأدمغة” بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي.
تعود بدايات حفر الأنفاق في قطاع غزة إلى تسعينيات القرن الماضي، إذ اعتمدت بعض العائلات المقيمة على طرفي السياج الفاصل لمدينة رفح في جانبيها الفلسطيني والمصري، على حفر أنفاق بدائية لا تزيد أقطارها عن 50 سنتيمترا، لأغراض تهريب السلاح الخفيف والبضائع.
ومع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، سعت الفصائل الفلسطينية إلى استغلال هذه الأنفاق لتهريب السلاح إلى القطاع، وتطوير ترسانتها المحلية عبر جلب بنادق الكلاشنكوف وقاذفات الـ “آر بي جي” والرشاشات المتوسطة، من خلال طرق التهريب المتشعبة التي تبدأ من رفح وتمتد إلى دول الإقليم من مصر والسودان إلى اليمن وإيران.
ومع دخول انتفاضة الأقصى عامها الثاني، وبتاريخ 26 سبتمبر/أيلول عام 2001، نفذت “كتائب القسام” عملية تفجير موقع “ترميد” العسكري الإسرائيلي في رفح جنوبي قطاع غزة، عبر نفق طوله 150 مترًا، استخدم لزرع عبوات ناسفة أسفل الموقع، مما أوقع 5 قتلى من جنود الاحتلال، وعددًا من الإصابات، ليكون هذا التاريخ، تدشينًا لما سيعرف لاحقًا بـ “سلاح الأنفاق”.
هذا السلاح الذي اعتمدت عليه كتائب القسام في تنفيذ عدد من العمليات النوعية التي استهدفت مواقع الاحتلال العسكرية داخل حدود قطاع غزة، وهي عمليات تفجير موقع “حردون” عام 2003، وموقع “محفوظة العسكري”، و”السهم الثاقب”، وموقع “معبر رفح” عام 2004، والتي أوقعت بمجموعها 23 قتيلًا في صفوف جيش الاحتلال، وكانت من الأسباب التي عجّلت بقرار الاحتلال تنفيذ خطة الانسحاب من قطاع غزة عام 2005.
وشكل تحرير غزة وانسحاب الاحتلال الكامل منها، نهاية عهد استخدام الأنفاق كسلاح لاستهداف مواقع الاحتلال وتحصيناته داخل القطاع.
ومع اتصال أركان القطاع مع تفكيك المستوطنات، واستناد المقاومة إلى أرض محررة لتطوير قدراتها العسكرية تنظيميًا ولوجستيًا، بدأ عهد “الأنفاق الهجومية” التي شقت أرض القطاع نحو عمق الأرض المحتلة عام 1948، إذ كان الظهور الأول لهذه الأنفاق بتاريخ 25 يونيو/حزيران عام 2006، أي بعد أقل من عام على الانسحاب الإسرائيلي من غزة، حيث نفذت “كتائب القسام” و”ألوية الناصر صلاح الدين” و”جيش الإسلام”، عملية مشتركة خلف خطوط جيش الاحتلال، استهدفت موقع “كرم أبو سالم” العسكري داخل الأرض المحتلة عام 1948.
وتمت العملية عبر التسلل من نفق هجومي، وشن غارة على الموقع انتهت بقتل 2 من جنود الاحتلال، وأسر ثالث يدعى “جلعاد شاليط”، وعادت به إلى قطاع غزة، الذي مكث فيها لمدة 5 سنوات قبل إطلاق سراحه في صفقة وفاء الأحرار لتبادل الأسرى.
السلاح الإستراتيجي
وعقب سيطرة حركة “حماس” على قطاع غزة في يونيو/حزيران 2007، وفرض الحصار الإسرائيلي المطبق على القطاع، عادت الأنفاق إلى سيرتها الأولى، كوسيلة لتهريب المؤن والوقود والمواد الغذائية للقطاع المحاصر عبر الحدود مع مصر.
وتحولت مدينة رفح إلى عاصمة لهذه الأنفاق الحدودية، التي وصل عددها للمئات مع عام 2009، والتي ادعى جيش الاحتلال أنها تستخدم لتهريب الوسائل القتالية إلى القطاع المحاصر، وعمد إلى استهدافها بالغارات الجوية المكثفة، وتدميرها بشكل كامل خلال عملية “الرصاص المصبوب” 2008-2009.
إلا أن هذه الأنفاق عادت للعمل مجددًا، وتصاعد عددها، وتوسعت مساحاتها، ومع تولي عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في مصر، أطلق الجيش المصري عملية عسكرية واسعة لإقامة منطقة عازلة على الحدود المصرية مع قطاع غزة، شملت تدمير وإغراق الأنفاق التجارية بشكل شبه كامل.
وتزامنًا مع سنوات “الأنفاق التجارية”، كانت “كتائب القسام” تخوض معركة صامتة تحت الأرض في قطاع غزة، كان عنوانها تدشين “السلاح الإستراتيجي” عبر تشكيل وحدات متخصصة في حفر الأنفاق، وتدشين عشرات الكيلومترات من هذه الأنفاق التي انقسمت إلى 3 أنواع وهي:
الأنفاق الهجومية: وهي مخصصة لاختراق الحدود مع الأرض المحتلة، وشن هجمات خلف خطوط قوات الاحتلال الإسرائيلي، إضافة للأنفاق المخصصة كمرابض لراجمات الصواريخ ومدافع الهاون، التي توفر الحماية لوحدات المدفعية من غارات الطائرات، وتسمح لهم بإطلاق الرشقات الصاروخية من تحت الأرض.
الأنفاق الدفاعية: وتستخدم داخل الأراضي الفلسطينية لنصب الكمائن وتنقل المقاتلين بعيدًا عن أعين الطائرات الإسرائيلية وغاراتها.
الأنفاق اللوجستية: وتستخدم كغرف قيادة وسيطرة لإدارة المعارك وتوجيه المقاتلين، وإقامة القادة الميدانيين، وتخزين الذخائر والعتاد العسكري وتجمع زمر المقاتلين، كما تضم غرف ومقاسم الاتصالات السلكية الداخلية للمقاومة.
ولم تكن أعين الاحتلال بعيدة تمامًا عن المعركة التي يشهدها باطن الأرض، والتي شكلت هاجسًا له، حيث شنت طائرات الاحتلال عام 2011 غارات على غزة، زعمت أنها استهدفت أنفاقًا مخصصة للتسلسل إلى داخل الأراضي المحتلة عام 1948.
مفاجأة
وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول 2013، الذي شكّل مفاجأة نوعية في تاريخ “سلاح الأنفاق” في قطاع غزة، مع إعلان الجيش الإسرائيلي اكتشافه نفقًا إستراتيجيًا شرق بلدة عبسان جنوب قطاع غزة، اجتاز حدود القطاع مع الأرض المحتلة لمسافة 800 متر، وشكّل النفق صدمة لجيش الاحتلال ومخابراته نظرًا للمواصفات الفنية العالية التي تضمّنها.
وبلغ عمق النفق 20 مترًا، وامتد لمسافة 2500 متر، واستخدم 800 طن من الإسمنت المسلح لتدعيم سقفه وجوانبه بألواح الخرسانة، وتضمن شبكة اتصالات وكهرباء، قدر الاحتلال تكلفة بنائه بـ “10 ملايين دولار”، ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى التوغل داخل قطاع غزة، لمحاولة الوصول لمكان حفر النفق وتدميره، فاندلعت في حينه اشتباكات عنيفة مع مقاتلين من كتائب القسام، أسفرت عن مقتل ضابط في جيش الاحتلال واستشهاد 3 مقاتلين من الكتائب.
وعقب الكشف عن نفق “خانيونس” الأسطوري، سارع الاحتلال للتراجع عن قرار السماح بإدخال مواد البناء إلى قطاع غزة، فيما أعلن أبو عبيدة، الناطق العسكري باسم كتائب القسام، مسؤولية الكتائب عن حفر النفق، قائلا إنه حفر بأيدي مقاتليها.
ورغم الحصار الإسرائيلي المطبق على قطاع غزة، ومنع دخول مواد الإنشاءات والخرسانة والحديد، والرقابة المتواصلة على مدار الساعة التي يفرضها الاحتلال عبر طائراته المسيرة تواصلت عمليات حفر الأنفاق وتوسيعها وتطويرها، وشكلت عمليات إخراج نواتج الحفر وتصريفها، لغزًا لم يستطع الاحتلال حلّه حتى الآن، مع وصولها إلى آلاف الأمتار المكعبة من الرمل في كل نفق يتم حفره وتجهيزه.
العصف المأكول
“مثلت الأنفاق تحديا كبيرًا لجيشنا، ومنحت الفصائل الفلسطينية الفرصة ليظهر مقاتلوها في مشهد هوليودي من عين النفق، ويتحركوا باتجاه مواقعنا، ويقوموا في أقل من دقيقتين بقتل جنودنا”.
كان هذا جزءًا من مقال للخبير الإستراتيجي الإسرائيلي “يوآف شاروني” في صحيفة “هآرتس” عام 2014، عقب انتهاء معركة “العصف المأكول” في قطاع غزة.
وقد شكلت المعركة صدمة لا تنسى للجيش الإسرائيلي، الذي تكبد 72 قتيلًا في صفوفه، علاوة على أسر 2 من ضباطه وجنوده، خلال المعارك العنيفة التي شهدها القطاع طوال 52 يومًا، وشكلت الأنفاق مفاجأتها الكبرى.
وخلال عدوان 2014، استخدمت كتائب القسام سلاحها الإستراتيجي بشكل واسع حيث استهدفت مواقع عسكرية داخل الأرض المحتلة أوقعت عشرات القتلى من جنود الاحتلال في “ناحل عوز” و”صوفا” و”أبو مطيبق” وموقع “16 العسكري”.
كما استخدمت الكتائب أنفاقها الدفاعية بشكل واسع في التصدي لأرتال الاحتلال عبر ضرب الآليات ونصب الكمائن، واختطاف الجندي شاؤول آرون من قلب مدرعته في حي التفاح، والضابط هدار غولدن في رفح عقب كمين نوعي قتل فيه 2 من جنود الاحتلال.
واستخدمت الأنفاق طوال المعركة في إطلاق رشقات صاروخية طالت تل أبيب والقدس وحيفا، وأدخلت ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ طوال أيام الحرب.
الجدار الحديدي
وفي عام 2016 أعلنت إسرائيل البدء بتشييد جدار فوق الأرض وتحتها وبطول 65 كيلومترًا، للقضاء نهائيًا على فكرة الأنفاق الهجوميّة، واستمر العمل فيه 3 سنوات ونصف، بتكلفة وصلت إلى 1.1 مليار دولار.
والجدار عبارة عن سياج فولاذي بارتفاع 6 أمتار وجدار من الخرسانة المسلحة مسلح تحت الأرض، مزوّد بأجهزة استشعار للكشف عن الأنفاق، إضافة إلى شبكة من الرادارات وأجهزة المراقبة والاستشعار عن بعد، وأبراج حراسة مزودة برشاشات ثقيلة يتم التحكم بها عن بعد.
ومع اكتمال تشييد الجدار الفاصل والسياج الذكي عام 2019، قال وزير الدفاع الإسرائيلي في حينه بيني غانتس إن هذا الحاجز “مشروع تكنولوجي من الدرجة الأولى، يحرم حماس من القدرات التي حاولت تطويرها، ويضع جدارا حديديا بينها وبين سكان الجنوب”.
لكن في الساعات الأولى من صباح السبت 7 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، قضى مقاتلو القسّام عند اجتيازهم السياج على أسطورة “الجدار الحديدي” الذي شيّده الاحتلال على طول الحدود مع قطاع غزّة، والذي صوّره لسنوات على أنه “الحل النهائي” لمعضلة الأنفاق وتهديدها لمستوطنات “غلاف غزّة”.
وفي نهاية مقالتنا إذا كان لديك أي اقتراحات أو ملاحظات حول الخبر، فلا تتردد في مرسلتنا، فنحن نقدر تعليقاتكم ونسعى جاهدين لتلبية احتياجاتكم وتطوير الموقع بما يتناسب مع تطلعاتكم ونشكرًكم علي زيارتكم لنا، ونتمنى لكم قضاء وقت ممتع ومفيد معنا.