لولا دا سيلفا.. من أكواخ ساو باولو إلى قصر البرازيل الرئاسي | الموسوعة – البوكس نيوز
البوكس نيوز – اخبار – نتحدث اليوم حول لولا دا سيلفا.. من أكواخ ساو باولو إلى قصر البرازيل الرئاسي | الموسوعة والذي يثير الكثير من الاهتمام والجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكما سنتناول بالتفصيل حول لولا دا سيلفا.. من أكواخ ساو باولو إلى قصر البرازيل الرئاسي | الموسوعة، وتعد هذا المقالة جزءًا من سلسلة المقالات التي ينشرها البوكس نيوز بشكل عام.
لولا دا سيلفا أحد السياسيين الأكثر نفوذا واستمرارية في أميركا اللاتينية، ويعرف بـ”رجل الدولة ذي اللسان الفضي”، ويعرف أيضا باسم “لولا”. ينتمي إلى اليسار البرازيلي. ولد في 1945 في البرازيل، وحكمها في عهدتين متتاليتين بين 2003 و2011.
دخل السجن بعد اتهامه بالضلوع في قضايا فساد. وأعيد انتخابه رئيسا للبرازيل في أكتوبر/تشرين الأول 2022 قبل أن يتولى منصبه رسميا في الأول من يناير/كانون الثاني 2023.
المولد والنشأة
وُلد لويس إيناسيو لولا دا سيلفا في 27 أكتوبر/تشرين الأول 1945 شمال شرق البرازيل، وتحديدا في مدينة غارانهون من ولاية بيرنامبوكو، وكان والداه من المزارعين الفقراء والأميين، أنجبا 8 أطفال سابعهم كان لويز إيناسيو.
عرفت أسرته حياة متقلبة ومليئة بالأزمات، إذ فرّ الأب مع امرأة من أقربائه تاركا أسرته وراءه، وتوجّه للعمل في ميناء سانتوس بولاية ساوباولو، وكان يرسل بعض المال ليعيل زوجته وأبناءه الثمانية.
سنة 1950 التقى لولا والده لأول مرة، وتعرّف حينها إلى أشقائه وشقيقاته الذين كانوا ثمرة زواج والده من قريبتهم، وتعلّق بشقيقه من أبيه فري شيكو، وكان يكبره بأربع سنوات وحاز التأثير الأكبر في حياة لولا، إذ عرّفه بمبادئ العمل النقابي.
في 1952، انتقلت العائلة في رحلة على متن شاحنة بضائع إلى مدينة جواروجا على ساحل ولاية ساوباولو، وهناك اضطر لولا إلى الإسهام في دخل الأسرة، من خلال تلميع الأحذية وبيع الفول السوداني في الشوارع.
بعد 3 سنوات انفصل والداه وانتقل للعيش مع والدته في مدينة ساوباولو، ولمّا بلغ الـ12 عمل في متجر للتنظيف الجاف وبائعا متجولا وماسح أحذية، وكذا في خدمة التوصيل لمحل تنظيف وكي، ومساعدا في مكتب، ثم في مصنع حيث تعرّض لحادث فقدَ على إثره خنصر يده اليسرى.
في 1969، تزوج لولا شقيقة أقرب أصدقائه، وهو جاسينتو ريبيرو دوس سانتوس وتدعى ماريا، وهي عاملة من ولاية ميناس جيرايس، وأصيبت في 1971 بالتهاب الكبد الوبائي في الشهر السابع من حملها، وتوفيت وجنينها بعد عملية قيصرية قررها الأطباء لمحاولة إنقاذ الأم والطفل.
وفي 1974، أنجب من علاقة غير شرعية مع صديقته آنذاك ميريام كورديرو ابنة اسماها لوريان، وفي السنة نفسها تزوج لولا من ماريسا ليتيسيا روكو كاسا، وهي أرملة وأنجب منها 3 أبناء.
ظل لولا وزوجته الثانية متزوجين لأكثر من 30 عاما، حتى وفاة ماريسا في 2 فبراير/شباط 2017، إثر سكتة دماغية.
في 2017 تعرّف إلى “جانيا” وبقيت علاقتهما سرية حتى 2019، وحينها كان يقضي عقوبة السجن في كوريتيبا (بارانا)، بسبب تهم الفساد التي أسقطت عنه لاحقا. وتزوج لولا وجانيا رسميا في 18 مايو/أيار 2022.
الدراسة والتكوين
رغم اعتراض والده على تعليم أطفاله، فقد درس لولا في المجمّع المدرسي مارسيليو، وبدأ في متابعة دورات تكوينية ضمن برنامج الخدمة المهنية الصناعية الوطنية البرازيلي سنة 1960، وتمكن من أن يصبح ميكانيكيا في شركة بارا فوسوس مارتي للمعادن.
وفي سنة 1963 حصل على شهادة في ميكانيكا الخراطة.
التجربة السياسية
شهدت البرازيل في ستينيات القرن الماضي طفرة اقتصادية لم تستفد منها الطبقة العاملة، وفي تلك الفترة لم يكن لولا مسيّسا بشكل كبير، لكنه انخرط في العمل النقابي بعد مأساة وفاة زوجته وطفله، مما جعله ينغمس في العمل النقابي في محاولة لنسيان مأساته الشخصية.
وفي 1967، كان عاملا في شركة “صناعات فيلاريس” في ساوبرناردو دي كامبو، وانضم إلى اتحاد الصناعات المعدنية، تحت قيادة شقيقه فري شيكو، الناشط في الحزب الشيوعي البرازيلي “بي سي بي”، ليصبح في 1969 نائبا للأمين العام لاتحاد “ساوبرناردو دو كامبو ودياديما”، ثم رئيسا للاتحاد في 1975.
سرعان ما أظهر لولا مواهبه خطيبا ومفاوضا، وأثبت أنه شخصية نقابية برازيلية متميزة بلحيته الكثيفة وشعره الكث الفوضوي، مما أثار حفيظة السلطة التي زجّت به في السجون فترات قصيرة في ظل النظام العسكري.
ونجح لولا في إحداث تغيير جذري في العمل النقابي في البلاد، إذ حوّل النقابات من مؤسسات تدور في فلك الحكومات أو موالية لها، إلى حركة نقابية قوية مستقلة.
وقاد أكبر الإضرابات العمالية التي نُظمت في نهاية السبعينيات من القرن العشرين في المنطقة الصناعية بساوباولو، وهي إضرابات لم تكن مألوفة في البرازيل، التي كانت خاضعة للحكم العسكري بين 1964 و1985.
تتبعته الخلايا الأمنية التابعة لإدارة النظام السياسي والاجتماعي للحكومة العسكرية، وأودعته السجن في بداية 1980 مع ثلة من القادة النقابيين دون استصدار أمر قضائي.
هذا القمع والتتبع الأمنية دفع به في بداية 1980 للتحول بالكامل إلى العمل السياسي بعد أن أيقن أنه لن يصل إلى السلطة دون إقامة تحالف مع قوى سياسية أخرى، واستقطاب اللاعبين الاقتصاديين الكبار في الداخل والخارج إلى معسكره، لكنه على الرغم من ذلك ظل ملتزما بقضايا الفقراء، والدفاع عن مبادئ النزاهة ومحاربة الفساد في أروقة الحكم، وتشجيع الفقراء من أبناء الطبقة المسحوقة على الانخراط في العمل السياسي.
وتمكن وفقا لهذه الفكرة من تجميع النقابيين ونخب فكرية ودينية متباينة في إطار سياسي واحد، وأسس أول حزب اشتراكي في تاريخ البلاد أطلق عليه اسم “حزب العمال”.
وبمرور الوقت تبنى الحزب مواقف سياسية واقتصادية أكثر واقعية، إذ لم تقم على فكرة التغيير الجذري للسلطة، بل على ما سمّاه “خلق مساحات من التقارب بين المتباينات”.
في 1992 أيّد عزل الرئيس ميلو، الذي اتُهم بقضايا فساد مختلفة، فتمت إزاحته مؤقتا إلى أن استقال من منصبه نهاية العام.
بدأ لولا في بلورة أفكار سياسية حالمة برئاسة البرازيل فترشح في 1994 للرئاسة، إلا أنه أُقصي من الجولة الأولى للانتخابات، ثم أعاد المحاولة في انتخابات في 1998 وخسرها -أيضا- من الدور الأول.
ترشحه للرئاسة في مناسبتين كان وراء صعوده السياسي بدرجة ملحوظة، لا سيما بعدما أصبح “حزب العمال” أحد الأعمدة الرئيسة في بناء المعارضة البرازيلية.
في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2002 حقق لولا حلمه من خلال الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة بنسبة 61.5%، أي ما يعادل 51 مليون صوت، وصار بذلك أول رئيس يساري يترأس البرازيل منذ إنشاء أول جمهورية في 1889.
أعيد انتخاب لولا لولاية ثانية وأخيرة حسب نص الدستور في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2006، بنسبة زادت عن 60% بالجولة الثانية، وانتهت ولايته مطلع يناير/كانون الثاني 2011، وهو لا يزال يتمتع بشعبية ساحقة تجاوزت 80%، وعلى الرغم من ذلك فقد رفض كثيرا من المطالب والمناشدات بتغيير الدستور ليظل رئيسا لولاية ثالثة أو مدى الحياة، وسلم الرئاسة إلى ديلما روسيف، التي فازت بفضل دعمه الهائل لها.
خلال فترة رئاسته شهدت البرازيل تطورا اقتصاديا في فترة عُرفت بارتفاع أسعار المواد الخام، وقد خرجت نسبة كبيرة من البرازيليين من الفقر وارتقوا إلى الطبقة الوسطى عن طريق البرامج الاجتماعية التي ضخت الحكومة من خلالها مليارات الدولارات بهدف القضاء على الفقر والطبقية التي طالما سادت البلاد عبر التاريخ.
ورفع لولا الحد الأدنى من الأجور ووسّع البرامج الاجتماعية التي كانت تنفذها الدولة لتشمل الطبقات الأكثر حرمانا وفقرا في البلاد عبر برنامج المنح العائلية، الذي استفاد منه نحو 44 مليون شخص، مما أسهم في تعزيز شعبيته لدى الأوساط الفقيرة والمهمشة.
من السجن للولاية الثالثة
على الرغم من ذلك لم تكن فترة حكم لولا بمنأى عن الانتقادات التي شملت مشروعات عامة عُدّت مكلفة، وشُكّك في جدواها، إضافة لارتباط أسماء بعض المساهمين فيها بفضائح وقضايا فساد كبرى.
القضية الأولى كانت في عهدته الرئاسية الأولى، وتحديدا في 2005، وعُرفت إعلاميا باسم “الدفعة الشهرية الكبرى”، وكشفت عن خطة سرية لشراء الأصوات في الكونغرس، انتهت بإدانة مقربين من لولا وعرّضت إعادة انتخابه للخطر.
أما القضية الثانية فقد كانت خلال فترة رئاسة ديلما روسيف، التي كانت تواجه كارثة اقتصادية متنامية، إذ كُشف عن قضية رشوة لعقود بملايين الدولارات لشركة النفط الحكومية “بتروبراس” مع شركات البناء، التي تعدّ أكبر فضيحة فساد في أميركا اللاتينية، واتُّهم فيها لولا بتلقي خدمات من شركات إنشاءات خاصة، وحُكم عليه بالسجن سنة 2018 بتهمة الفساد وغسيل الأموال في قضية ضخمة قادها القاضي البرازيلي سيرجيو مورو.
وعلى الرغم من أن لولا كان متقدما في استطلاعات الرأي، فإن هذه الإدانة منعته من الترشح للانتخابات الرئاسية لسنة 2018 بعد أن عُزلت روسيف من منصبها في محاكمة وسط أزمة اقتصادية وسياسية خانقة، وفاز اليميني جايير بولسونارو في تلك الانتخابات، وبعد فترة وجيزة عين مورو وزيرا للعدل.
أمضى لولا 19 شهرا في السجن وأطلق سراحه من قبل المحكمة الفدرالية العليا التي ألغت إدانته في 2021، نظرا “لارتكاب أخطاء في المحاكمات وافتقار القاضي سيرجيو مورو إلى النزاهة”.
ووسط وضع اقتصادي عالمي متأزم وبعد 3 أعوام من جائحة كورونا، وفي أجواء الحرب الروسية على أوكرانيا والركود الاقتصادي الذي أغرق ملايين البرازيليين في براثن الفقر، تسلّم لولا في الأول من يناير/كانون الثاني 2023 رئاسة البرازيل لفترة رئاسية ثالثة.
الجوائز والتكريمات
- حصل على جائزة الأميرة الإسبانية أستورياس للتعاون الدولي في 2003.
- حصل على جائزة “رجل دولة العام” في 2006.
- حصل في 2007 على جائزة “ليخ فاليسا” اعترافا بجهوده الرامية إلى الحد من عدم المساواة الاجتماعية؛ لأنه من دعاة التفاهم السلمي والشراكة بين الأمم، ولا سيما من خلال تعزيز موقف البلدان النامية في المجتمع الدولي.
- حصل على جائزة” فيليكس هوفويت بوانيي للسلام” في 2008، من اليونسكو.
- حاز ميدالية “غراند فيرميل” من مدينة باريس.
- فاز بجائزة “المجتمع العالمي للاتصالات والمعلومات التابعة للاتحاد الدولي للاتصالات”.
- وفي 2012 حصل على جائزة روزفلت للحريات الأربع.
وفي نهاية مقالتنا إذا كان لديك أي اقتراحات أو ملاحظات حول الخبر، فلا تتردد في مرسلتنا، فنحن نقدر تعليقاتكم ونسعى جاهدين لتلبية احتياجاتكم وتطوير الموقع بما يتناسب مع تطلعاتكم ونشكرًكم علي زيارتكم لنا، ونتمنى لكم قضاء وقت ممتع ومفيد معنا.