هل تمرد “انقلابيو النيجر” على الولايات المتحدة؟ | سياسة – البوكس نيوز
البوكس نيوز – اخبار – نتحدث اليوم حول هل تمرد “انقلابيو النيجر” على الولايات المتحدة؟ | سياسة والذي يثير الكثير من الاهتمام والجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكما سنتناول بالتفصيل حول هل تمرد “انقلابيو النيجر” على الولايات المتحدة؟ | سياسة، وتعد هذا المقالة جزءًا من سلسلة المقالات التي ينشرها البوكس نيوز بشكل عام.
في خطوة تبدو أنّها غير مسبوقة وغير متوقّعة في آن واحد، قرّرَ انقلابيو النيجر أو ما يعرف “بالمجلس الوطنيّ لحماية الوطن” الذي تشكّل بعد الإطاحة بالرئيس محمد بازوم في يوليو/تموز الماضي، إلغاءَ الاتفاقية العسكرية التي وقّعها الرئيسُ السابق “محمد إيسوفو” مع واشنطن عام 2012، بأثر فوري.
حيث سمحت لواشنطن بموجبها ببناء قاعدة عسكريّة للطائرات من دون طيار في أغاديز شمالًا، وعرفت باسم قاعدة 201، التي تمنح القوات الأميركية القدرة على المراقبة وشنّ هجمات ضد الجماعات المسلحة في دول الإقليم، وقد تم استخدامها بالفعل لاستهداف مقاتلي تنظيم داعش، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التابعة لتنظيم القاعدة، في منطقة الساحل، وكذلك جماعة بوكو حرام.
ولعلّ من المفارقة أن الإعلان “17 مارس/آذار” جاء بعد فترة وجيزة من زيارة مساعدة وزير الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية مولي في ومدير الأفريكوم للبلاد.
أسباب تصعيد قادة الانقلاب ضد واشنطن
لقد ساق المتحدث باسم المجلس العسكري في النيجر، مجموعة من المبررات “الشكلية ” لهذا القرار، منها عدم الاكتراث الأميركي بالمجلس الانتقالي، حيث لم يتم التنسيق معه بشأن موعد زيارة مولي في، وتشكيلة الوفد المرافق لها، وكذلك جدول أعمال الزيارة، فضلًا عن لغة التهديد والانتقام الأميركي، ضد المجلس العسكري، خاصةً ما يتعلق بضرورة تحديد موعد محدد للانتقال الديمقراطي.
وكذلك لرغبة واشنطن في تحديد إستراتيجية النيجر وحلفائها في التعامل مع ملف الجماعات الجهادية. وربما كل هذه العوامل، دفعت رئيس المجلس عبد الرحمن تياني لرفض مقابلة الوفد الأميركي.
التحالف الجديد، والدعم الروسي، سيمنحان قادة الانقلابات في هذه الدول وليس النيجر فحسب، القدرة على مواجهة الجماعات المسلحة في الداخل، وكذلك أية محاولة انقلابية مضادة تدعمها باريس أو واشنطن
وإذا كانت هذه هي الأسباب المعلنة لتبرير إلغاء الاتفاقية، فإن هناك مجموعة من الأسباب الأخرى التي تفسر أن القرار لم يكن عشوائيًا أو ” رد فعل “، وإنما كان مدبرًا، وينتظر اللحظة المناسبة “فقط ” للإعلان عنه، وهي:
أولًا: انتهاء فترة شهر العسل المؤقت بين واشنطن، وقادة الانقلاب
حيث لم تدم سوى قرابة ثلاثة أشهر فقط. ثم أعلنت واشنطن بعدها “وبصورة متأخرة عن فرنسا” أن ما حدث في البلاد يعد انقلابًا، وما يستدعيه ذلك من تعليق المساعدات العسكرية للبلاد والتي تقدر بحوالي نصف مليار دولار، وهو مبلغ ضخم لبلد يصنف أنه من أفقر البلدان عالميًا.
هذه الخطوة الأميركية جاءت بعد دعم واشنطن قادةَ الانقلاب، والتلكؤ في وصف ما حدث بأنه انقلاب، نكايةً في فرنسا، بل تردّد أن واشنطن استغلت نفوذها لدى الدول الفاعلة في منظمة “الإيكواس”، لحثّها على عدم التدخل العسكري ضد الانقلابيين، كما قامت بتعيين سفيرة لها في نيامي بعد أن كان المنصب شاغرًا قبل الانقلاب، ما تم تفسيره في حينها بأنه شبه اعتراف أميركي رسمي بالعسكر.
لكن يبدو أنّ الرهان الأميركي على الانقلابيين الجدد، اصطدم بالدعم الروسي اللامحدود لهم، ما دفع واشنطن للتصعيد عبر التلويح بضرورة وضع مدى زمني محدَّد للمجلس الانتقالي ” حددته بعام ونصفٍ على الأكثر”، واعتبار ذلك شرطًا رئيسيًا لاستئناف المساعدات، وهو ما فسَّره المجلس بأنه بمثابة نوع من الإملاءات الأميركية، خاصة أن هذه اللهجة التصعيدية، باتت واضحة بعد إعلان الرئيس الفرنسي ماكرون بدء سحب قوات بلاده من النيجر.
ثانيًا: شعور قادة الانقلاب بعدم الاستفادة العسكريَّة من واشنطن
عدم القدرة على الاستفادة في مواجهة الجماعات المسلحة التي تشكل الخطر الأكبر على البلاد.. فاتفاقية 2012 الملغاة، لا تلزم “بحسب المجلس”، الجانب الأميركي بتقديم الدعم العسكري في مواجهة خطر هذه الجماعات المسلحة، بل هي اتفاقيَّة تخدم المصالح الأميركية فقط في تنفيذ هجماتها انطلاقًا من النيجر، ضد الجماعات المسلحة في دول الإقليم المختلفة، ما جعل قوى المعارضة تندد بها حين توقيعها قبل 12 عامًا، وتتهم الرئيس إيسوفو باستغلال ورقة الجماعات المسلحة لإبرام هذه الصفقات والتربُّح من ورائها.
ثالثًا: تشكيل التحالف الإقليمي “تحالف الساحل” أو تحالف إقليم “ليبتاكو-غورما”
بين كل من النيجر ومالي وبوركينا فاسو لمواجهة خطر الجماعات المسلحة. وهو التحالف الذي يحظى بدعم ورعاية وتمويل وتدريب عسكري روسي في إطار الفيلق الأفريقي الذي أعلنت موسكو تشكيله أوائل هذا العام، ويتكون من قرابة 50 ألف مقاتل، معظمهم من قوات فاغنر السابقة، وينتشر في 5 دول من دول الإقليم منها الدول الثلاث لتحالف الساحل، فضلًا عن أفريقيا الوسطى، وليبيا المجاورة التي تم اختيارها لتكون مركزًا للقيادة المركزية لهذا الفيلق الجديد.
ولا شكّ أن هذه الخطوة أكسبت الانقلابيين ثقلًا كبيرًا في مواجهة واشنطن، خاصة أن موسكو لم تضع شروطًا لدول الانقلاب الثلاث التي يتشكل منها تحالف الساحل، لوضع جدول زمني للتحول الديمقراطي.
كما أن هذا التحالف الجديد، والدعم الروسي، سيمنحان قادة الانقلابات في هذه الدول وليس النيجر فحسب، القدرة على مواجهة الجماعات المسلحة في الداخل، وكذلك أية محاولة انقلابية مضادة تدعمها باريس أو واشنطن.
رابعًا: تراجع الإيكواس عن ضغوطها السابقة بشأن ضرورة عودة الرئيس بازوم للحكم
وكذلك تخفيفها الشهر الماضي من عقوباتها الاقتصادية ” القاسية” ضد قادة الانقلاب، ما يعد انتصارًا من وجهة نظرهم في مواجهة هذه المنظمة التي كان تلوح بالتدخل العسكري، لإجبارهم على تسليم السلطة.
لكن يبدو أن انقسام دول الإيكواس بشأن هذا التدخل، فضلًا عن العقبات المرتبطة بمشكلة تشكيل القوات، وتمويلها، ومهامها، جعلت الأمر مستحيلًا، بل وجدنا في المقابل، إعلان النيجر مع كل من بوركينا فاسو ومالي، الانسحابَ من المنظمة، ما دفع الأخيرة لتخفيف لهجتها التصعيدية عبر تخفيف العقوبات، على أمل عودة هذه الدول مرة أخرى إليها.
هل تنسحب القوات الأميركية؟
رغم أن الولايات المتحدة، قامت بالتصعيد في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عبر توصيف ما حدث في النيجر بالانقلاب، فإنها أبقت الباب مواربًا مع قادة المجلس العسكري بشأن إمكانية استئناف المساعدات حال إعلانه عن فترة محددة للانتقال الديمقراطيّ، كما لم تلوح بسحب قواتها العسكرية من البلاد؛ نظرًا للأهمية الكبيرة التي توليها للنيجر وللقاعدة العسكرية الموجودة بها.
هذه الأهمية وردت في دراسة صادرة عن مركز أبحاث الكونغرس ونشرتها البوكس نيوز نت في أغسطس/آب الماضي، تكشف أن النيجر تعد قاعدة لكافة أنشطة الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع في منطقة الساحل وحوض بحيرة تشاد، كما أنها قاعدة انطلاق لتنفيذ المهام من خلال الطائرات المسيرة في بعض دول المنطقة ” مثل ليبيا وبعض دول الساحل”.
وهو ما أكده جود ديفيرمونت، مدير الشؤون الأفريقية في مجلس الأمن القومي الأميركي، لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بأن بلاده ليس لديها أي نية لمغادرة النيجر، ” إذا غادرنا النيجر، فلن يتعلق الأمر بأمن النيجر فقط. وستكون هناك عواقب أيضًا بالنسبة لغانا وتوغو وبنين… للولايات المتحدة فرقة قوامها حوالي ألف رجل في النيجر مخصصة لمكافحة الإرهاب، وليس لديها أي نية لتسريحهم وتقليد فرنسا في هذا الشأن”.
ومعنى هذا أن واشنطن كانت تستهدف من تصعيدها ضد المجلس والتلويح بورقة المساعدات، مزيدًا من خضوعه لها، والابتعاد عن موسكو.
ماذا وراء تصعيد الانقلابيين؟
وفي المقابل نجد أن المجلس العسكري، ورغم إعلانه الأخير عن إنهاء الاتفاقية العسكرية، لم يطالب ” وحتى كتابة هذه السطور ” بسحب القوات الأميركية من البلاد. ما يعني أنه ربما يستهدف أيضًا العمل بقدر من الاستقلالية عن واشنطن، والضغط عليها لاستئناف تقديم المساعدات دون اشتراط فرض مدة زمنية محددة عليه للانتقال الديمقراطيّ “حددها المجلس بثلاث سنوات كأحد أقصى عبر الحوار الوطني”.
ويبدو أنَّ واشنطن قد تضطر للاستجابة لضغوط قادة الانقلاب، خشيةَ مزيد من ارتمائهم في أحضان الروس من ناحية، وحرصًا على مصالحها الأمنية في هذا البلد الذي رغم فقره الشديد، يعد من الدول العشر الأولى في احتياطيات اليورانيوم على مستوى العالم، والسابعة في إنتاجه.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة البوكس نيوز.
وفي نهاية مقالتنا إذا كان لديك أي اقتراحات أو ملاحظات حول الخبر، فلا تتردد في مرسلتنا، فنحن نقدر تعليقاتكم ونسعى جاهدين لتلبية احتياجاتكم وتطوير الموقع بما يتناسب مع تطلعاتكم ونشكرًكم علي زيارتكم لنا، ونتمنى لكم قضاء وقت ممتع ومفيد معنا.