الصراخ في وجه الساسة ضرورة أخلاقية.. عن نسب تأييد القضية الفلسطينية في الشارع العربي الآن | آراء – البوكس نيوز
البوكس نيوز – اخبار – نتحدث اليوم حول الصراخ في وجه الساسة ضرورة أخلاقية.. عن نسب تأييد القضية الفلسطينية في الشارع العربي الآن | آراء والذي يثير الكثير من الاهتمام والجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكما سنتناول بالتفصيل حول الصراخ في وجه الساسة ضرورة أخلاقية.. عن نسب تأييد القضية الفلسطينية في الشارع العربي الآن | آراء، وتعد هذا المقالة جزءًا من سلسلة المقالات التي ينشرها البوكس نيوز بشكل عام.
غالبًا ما تبدأ السياسات بتصريح لأحد المسؤولين، وعادة ما تتبلور المواقف وترسم السياسة بمباحثات مكثفة خلف الأبواب المغلقة لهؤلاء المسؤولين. فجوة السياسات المقترحة والمطبقة بين المسؤولين وبين قطاع من الشعوب باتت صفة لصيقة لمجمل الممارسة السياسية في العالم المعاصر. هذه السمة لا تخص النظم الدكتاتورية فقط؛ بل تعاني منها الديمقراطيات الصناعية أيضًا. أصبحت أزمة التمثيل والوكالة عن الناس أزمة هيكلية في الزمن المعاصر لأسباب عديدة منها:
- ضعف المؤسسات السياسية.
- سيطرة أصحاب المصالح من رجال أعمال وغيرهم على صنع السياسات واتخاذ القرارات. تآكل النخب السياسية.
- بالإضافة إلى تغذية النزعات الشعبوية وصعود القومية.
- ناهيك عن الانقسام المجتمعي والاستقطاب الذي يتم تغذيته بشكل دائم ومستمر من خلال المعلومات المضللة والمجموعات المتشابهة والساسة الشعبويين …إلخ.
أما في عالمنا العربي؛ فتزداد الفجوة بين الحكام وبين شعوبهم؛ إذ يسود اعتقاد باستقلال الأولين بتقرير الأمر وتدبير الشأن العام بعيدًا عن ضغوط الأخيرين. حكامنا أعلم بأمور دنيانا وأخرانا على السواء. يحاول الحكام وإعلامهم فرض الأجندة التي يجب أن نتناقشَ فيها، وأن يصيغوا إدراكنا المستقبلي وَفقًا لما يفرضونه من مواقف، لكن مع تطورات أدوات الاتصال صار صراخ الجماهير في وجوههم أمرًا ضروريًا لإحداث التوازن المطلوب. مثلت استطلاعات الرأي – برغم ما يشوبها من قصور- إحدى القنوات المهمة للإنصات للناس العادية، ومنها وفيها يظهر الخُلْف البيّن بين ما يقوله الساسة وبين ما يريده الناس.
حقائق ثلاث
ما يمكن استخلاصه من استطلاعات متعددة جرت قبيل “الطوفان” وبعده حقائق ثلاث نعرض لها في هذا المقال. هي ليست وحدها، بل هناك ما يتعلق بترتيبات اليوم التالي في غزة، وفشل التهجير القسري مع إمكانية الهجرة الطوعية لنسبة معتبرة من الغزيّين تصل إلى الربع -وَفق استطلاعات الرأي- وهو ما يستحق أن أخصص له مقالًا مستقلًا لأهميته.
الحقائق الثلاث هي:
- قضية فلسطين قضية العرب المركزية؛ فهي عنوان الولاء والبراء في السياسة العربية.
- تأييد شعبي واسع لعملية “طوفان الأقصى”، وإدراك للأسباب التي تقف وراءها.
- رفض قاطع للتطبيع، وإيمان بالكفاح المسلح لتحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة.
فلسطين عنوان الولاء والبراء السياسي
أجمعَ الشارع العربي -وفق بيانات المؤشر العربي- على اعتبار القضية الفلسطينية “قضية جميع العرب وليست قضية الفلسطينيين وحدهم” بنسبة 92%. ومن الجدير بالذكر أن هذه النسبة غير مسبوقة عند مقارنتها بنتائج سنوات سابقة، فقد ارتفعت من 76% في نهاية عام 2022، إلى 92% في هذا الاستطلاع. وارتفعت ارتفاعًا ملحوظًا في بعض الدول؛ ففي المغرب ارتفعت من 59% في عام 2022 إلى 95%، وفي مصر من 75% إلى 94%، وفي السعودية من 69% إلى 95%، على نحوٍ يعكس ارتفاعًا جوهريًا من الناحية الإحصائية، وتحولًا أساسيًا في آراء مواطني هذه البلدان.
تظل القضية الفلسطينية ذات أهمية حيوية للرأي العام العربي، ولم تفقد أهميتها لدى الأجيال الجديدة، وعلى الرغم مما قد يفترضه العديد من العواصم الغربية وكثير من الحكومات العربية؛ فإن إسرائيل لن تكون قادرة على صنع السلام مع جيرانها ما دام الفلسطينيون لا يملكون دولة.
أظهرت نتائج المؤشر العربي التي نشرت من أيام قليلة أنّ المواطنين العرب يتعاملون مع هذه الحرب على أنها تمسّهم مباشرة؛ إذ عبّر 97% من المستجيبين عن أنهم يشعرون بضغط نفسي (بدرجات متفاوتة) نتيجة للحرب على غزة؛ بل إن 84% قالوا؛ إنهم يشعرون بضغط نفسي كبير. أفاد نحو 80% من المستطلعين بأنهم يداومون على متابعة أخبار الحرب، مقابل 7% قالوا؛ إنهم لا يتابعونها. وتتوزع مصادر المتابعة على قنوات التلفزيون بنسبة 54%، وشبكة الإنترنت بنسبة 43%.
هنالك إجماع عربي على التضامن مع الشعب الفلسطيني؛ حيث توافَق على ذلك 92% من المستجيبين؛ فقد عبّر 69% منهم عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني في غزة وحركة حماس، في حين أفاد 23% بأنهم متضامنون مع الشعب الفلسطيني -وإن اختلفوا مع حماس- وقال 1% فقط إنهم غير متضامنين.
وعلى مستوى تقييم الرأي العام العربي لسياسات القوى الإقليمية والدولية تجاه الحرب على غزة، فقد عكست النتائج أنّ الرأي العام العربي يعارض سياسة الولايات المتحدة الأميركية تجاه الحرب على غزة، فقد قيّم 94% من المستجيبين موقفها بـ “سيئ” و”سيئ جدًا”، وقال 82% إنه سيئ جدًا. وفي السياق نفسه، توافق 79% و78% و75% على أن مواقف كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا، على التوالي، سلبية. في حين انقسم الرأي العام العربي بخصوص مواقف إيران وتركيا وروسيا والصين؛ بين من رآها إيجابية (48%، 47%، 41%، 40%، على التوالي)، ومن عدَّها سلبية (37%، 40%، 42%، 38%، على التوالي).
وفي استطلاع قام به الباروميتر العربي -تم تطبيقه على عينة من التونسيين قبيل “الطوفان” مباشرة واستمر بعده لأيام قليلة- شهدت كل دولة في الاستطلاع لها علاقات إيجابية أو دافئة مع إسرائيل انخفاضًا في معدلات تأييدها بين التونسيين. وشهدت الولايات المتحدة أكبر انخفاض، لكن حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط الذين أقاموا علاقات مع إسرائيل على مدى السنوات القليلة الماضية شهدوا أيضًا انخفاضًا في أعداد تأييدهم.
يمكن للمحللين والمسؤولين أن يفترضوا بأمان أن آراء الناس في أماكن أخرى من المنطقة قد تغيرت بطرق مشابهة للتغيرات الأخيرة التي حدثت في تونس. توافق نحو 77% من الرأي العام العربي -وفق بيانات المؤشر العربي- على أن الولايات المتحدة وإسرائيل هما الأكثر تهديدًا لأمن المنطقة واستقرارها. رأى 51% أن الولايات المتحدة الأكثر تهديدًا، ورأى 26% أن إسرائيل تشكل التهديد الأكبر.
فلسطين ليست مجرد قضية، إنها السبب المحدد لعصرنا لأنها تكشف:
- أولًا: طبيعة النظام الدولي المستند إلى القواعد. وثانيًا: إفلاس حالتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ إنها تجبرنا على مواجهة الأسس التي سيجري من خلالها إعادة هيكلة المنطقة التي تقوم أساسًا على الاقتصاد -أي الجوانب المادية فقط – دون اعتبار للكرامة الإنسانية، وحكوماتنا غير الممثلة، وأكثر من أي شيء آخر، أنفسنا.
عندما سئل الفلسطينيون في الضفة والقطاع -في استطلاع المركز الفلسطيني- عن أفضل طريقة لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة، توزع الجمهور على ثلاث مجموعات: قالت الأغلبية 63% (68% في الضفة الغربية و56% في قطاع غزة)؛ إن الكفاح المسلح هو الأفضل
تأييد شعبي للطوفان
أظهرت عملية “الطوفان” أننا بإزاء صدام كلي بين تصورات وإستراتيجيات مختلفة: بين التاريخ وبين غياب الذاكرة، وبين الكرامة والبراغماتية، وبين الحقوق والمنفعة المادية …إلخ.
يدرك الرأي العام العربي بعمق الأسباب الدافعة للطوفان، ولا يرى فيها مؤامرة من حماس، ولا هي لصالح إيران، كما يبدي تأييده الكبير لها برغم محاولة البعض تشكيكه في بواعثها، وما قد يترتب عليها من نتائج، وهو في الوقت نفسه يرى حدودها التي تأتي -في تقديري- من ضعف وهشاشة سياقها العربي الحاضن. كان “الطوفان” فعلًا كبيرًا في سياق هشّ وضعيف على المستويَين: الرسمي والشعبي.
أبرزت نتائج المؤشر العربي أن الرأي العام العربي غير مقتنع بأن العملية العسكرية التي نفذتها حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأوَّل 2023 كانت تحقيقًا لأجندة خارجية؛ إذ اعتبر 35% من المستجيبين أن السبب الأهم للعملية هو استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، في حين عزاها 24% إلى الدفاع عن المسجد الأقصى ضد استهدافه، ورأى 8% أنها نتيجة لاستمرار حصار قطاع غزة.
أعادت معركة “الطوفان” الاعتبار للقدس والأرض المحتلة، وأبرزت الانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون، والأهم أنهم ليسوا وحدهم. ساد تصور لدى الحكومات العربية وإسرائيل والحكومات الغربية أنهم يمكن أن يقوموا بالتطبيع دون تحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
أما فيما يتعلق بالنقاش حول مشروعية تلك العملية؛ فقد تَوافق 67% من الرأي العام العربي على أن العملية هي ” عملية مشروعة”. تتطابق توجهات الرأي العام العربي مع نظيره الفلسطيني حول الموقف من “الطوفان”، ففي استطلاع أُجري بعد العملية قام به المركز الفلسطيني للدراسات السياسية والمسحية برز تأييد شعبي واسع النطاق للهجوم الذي شنته حماس.
تشير النتائج إلى أن غالبية أفراد العينة يعتقدون أن قرار حماس بتنفيذ الهجوم هو الصحيح، ويعتقدون أن الهجوم جاء ردًا على “اعتداءات المستوطنين على المسجد الأقصى وسكان الضفة الغربية، ومن أجل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين”.
هناك فروقٌ كبيرة بين مواقف سكان الضفة الغربية وقطاع غزة، من حيث “صحة” قرار حماس (وأمور أخرى)، إذ إن مواقف سكان غزة تميل إلى إظهار درجة أكبر من الشك حول هذا القرار. يتضح من النتائج أن الاعتقاد بـ”صحة” قرار حماس لا يعني تأييد كافة الأعمال التي شابت العملية أو أُلصقت بها؛ إذ يعتقد أكثر من 90% من فلسطينيي الضفة والقطاع أن مقاتلي حماس لم يرتكبوا الفظائع الواردة في مقاطع الفيديو التي تم بثها من قبل الإسرائيليين.
تشير نتائج المركز الفلسطيني إلى أن الغالبية العظمى تعتقد أن مهاجمة المدنيين أو قتلهم في منازلهم أمر غير مسموح به. كما تعتقد الأغلبية (باستثناء قطاع غزة) أن أخذ المدنيين كرهائن أو أسرى حرب غير مسموح به أيضًا.
قالت الأغلبية الساحقة (81%؛ 89% في الضفة الغربية و69% في قطاع غزة)؛ إن ذلك يأتي “ردًا على اعتداءات المستوطنين على المسجد الأقصى، وعلى المواطنين الفلسطينيين، ويستهدف إطلاق سراح الأسرى من السجون الإسرائيلية”. بينما اعتقد 14% فقط (5% في الضفة الغربية و27% في قطاع غزة) أنها مؤامرة إيرانية. قالت الغالبية العظمى (72%؛ 82% في الضفة الغربية و57% في قطاع غزة)؛ إنه كان قرارًا صحيحًا. وقالت نسبة من 22% (12% في الضفة الغربية و37% في قطاع غزة): إنه غير صحيح.
الكفاح المسلح هو السبيل
عندما سئل الفلسطينيون في الضفة والقطاع -في استطلاع المركز الفلسطيني- عن أفضل طريقة لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة، توزع الجمهور على ثلاث مجموعات: قالت الأغلبية 63% (68% في الضفة الغربية و56% في قطاع غزة)؛ إن الكفاح المسلح هو الأفضل؛ 20% قالوا؛ إنها المفاوضات؛ وقال 13%؛ إنها المقاومة الشعبية غير العنيفة. قبل ثلاثة أشهر قالت نسبة 53%؛ إن الكفاح المسلح هو الحل الأمثل، وقالت نسبة 24% بالمقاومة الشعبية السلمية، وقالت نسبة 20% بالتفاوض. ارتفع تأييد سكان الضفة الغربية للجوء إلى السلاح بنسبة 19 نقطة مئوية منذ تشكيل حكومة اليمين المتطرف الحالية في إسرائيل، وارتفع بمقدار 14 نقطة أخرى خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
يشبه التوجه لدى التونسيين من المقاومة المسلحة -كما أظهرته نتائج الباروميتر العربي- موقف الفلسطينيين؛ فبمقارنة بالاستطلاعات التي أجريت قبل هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، فإن عددًا أكبر بكثير من التونسيين اليوم يريدون من الفلسطينيين أن يحلوا صراعهم مع إسرائيل بالقوة بدلًا من التسوية السلمية.
غيَّر “الطوفان” وجهات نظر التونسيين -كما غيَّر وجهات نظر العرب في البلدان الأخرى- بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بطرق مهمة. قبل 7 أكتوبر، عندما سُئلوا عن وسائلهم المفضلة لحل الصراع، فضل 66% منهم حل الدولتين على أساس حدود 1967، في حين فضل 18% مسارًا دبلوماسيًا بديلًا، مثل دولة واحدة ذات حقوق متساوية للجميع، أو كونفدرالية، لكن بحلول نهاية العمل الميداني بعد “الطوفان”، كان 50% فقط من التونسيين يؤيدون حل الدولتين، أما أولئك الذين يؤيدون حل الدولة الواحدة أو الكونفدرالية فقد تراجعوا بسبع نقاط مجتمعة. كان المكسب الأكبر هو فئة “أخرى” التي ارتفعت بمقدار 30 نقطة إلى 36 في المائة. ومرة أخرى، أرادت الغالبية العظمى من هؤلاء التونسيين استمرار المقاومة المسلحة.
الغضب تجاه إسرائيل يتزايد بشكل أكبر في البلدان الأقرب إلى الصراع، أو في تلك التي تُؤوي المزيد من اللاجئين الفلسطينيين، مثل: الأردن ولبنان. وبالتالي فإن احتمال حدوث المزيد من المقاومة المسلحة أمر متوقع. لقد شهد جيل جديد الآن أهوال الاحتلال على شاشات التلفزيون، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك الصور المأساوية للجثث والعائلات المكلومة التي من غير المرجح أن ينساها. وقد تختار نسبة معينة منهم تمويل الجماعات المسلحة التي تقاتل ضد وجود إسرائيل أو الانضمام إليها أو مساعدتها.
هل نحن بصدد رؤية استباقية للكفاح الفلسطيني المسلح: بالنسبة للرأي العام العربي وعلى خلاف حكامهم؛ فإن القوة الهجومية وتأكيد القوة هي وحدها القادرة على تمهيد الطريق لمفاوضات أكثر عدالة مع إسرائيل.
وفي نهاية مقالتنا إذا كان لديك أي اقتراحات أو ملاحظات حول الخبر، فلا تتردد في مرسلتنا، فنحن نقدر تعليقاتكم ونسعى جاهدين لتلبية احتياجاتكم وتطوير الموقع بما يتناسب مع تطلعاتكم ونشكرًكم علي زيارتكم لنا، ونتمنى لكم قضاء وقت ممتع ومفيد معنا.