تأجيل الانتخابات الرئاسية بالسنغال.. قراءة في الأسباب والمآلات | سياسة – البوكس نيوز
البوكس نيوز – اخبار – نتحدث اليوم حول تأجيل الانتخابات الرئاسية بالسنغال.. قراءة في الأسباب والمآلات | سياسة والذي يثير الكثير من الاهتمام والجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكما سنتناول بالتفصيل حول تأجيل الانتخابات الرئاسية بالسنغال.. قراءة في الأسباب والمآلات | سياسة، وتعد هذا المقالة جزءًا من سلسلة المقالات التي ينشرها البوكس نيوز بشكل عام.
بعد 60 عاما من الممارسة الديمقراطية والتبادل السلمي على السلطة بين الزعماء المنتخبين، فاجأ الرئيس السنغالي المنتهية ولايته ماكي سال مواطنيه والعالم بإصدار مرسوم يقضي بتأجيل الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة يوم 25 فبراير/ شباط الجاري.
ولاحقا مدد البرلمان السنغالي ولاية الرئيس سال 10 أشهر، بعد أن كان مقررا أن يغادر السلطة في أبريل/نيسان المقبل.
إعلان تأجيل الانتخابات الذي جاء قبل انطلاق الحملات الانتخابات بساعات معدودة، أثار موجة من الاحتجاجات في الداخل، واستياء العديد من الدول والمنظمات المهتمة بالديمقراطية والتعددية السياسية في أفريقيا.
ومنذ 3 سنوات عاشت السنغال على وقع أزمة انتخابية سابقة لأوانها بدأت بمواجهات ميدانية راح ضحيتها عدد من القتلى وكثير من الخسائر المادية، وانتهت بانسداد سياسي فتح الأبواب أمام جميع الاحتمالات.
جذور الأزمة
ترجع الأزمة السياسية في السنغال إلى نتائج التعديلات الدستورية التي تمت الموافقة عليها عام 2016، وبموجبها تم تقليص الولاية الرئاسية إلى ولايتين فقط.
وقد جاءت التعديلات الدستورية بعد أن دخل الرئيس ماكي سال في ولايته الأولى التي بدأت عام 2012.
وقد نصّ الدستور السنغالي المعدل على أنه “لا يمكن لأحد أن يحكم البلاد أكثر من فترتين متتاليتين”، لكن الرئيس سال في سنة 2021 قال إنه ينوي الترشح لولاية ثالثة، معتبرا أن هذه المادة لا تنطبق عليه إذ إن ولايته الأولى كانت قبل الإصلاحات الدستورية.
وردا على عزم الرئيس الترشح لولاية ثالثة وتفسير الدستور لصالحه، دعت القوى السياسية المعارِضة وعلى رأسها رئيس حزب “باستيف” عثمان سونكو إلى النزول للشارع للوقوف أمام طموحات سال في الاستمرار بالحكم.
وشهدت البلاد حينها مظاهرات عنيفة شملت دكار وتييس وكبريات المدن في السنغال، وراح ضحيتها عدد من القتلى والجرحى، ثم تدخلت دبلوماسية المشيخة الصوفية وهيئات العلماء ولعبت دورا في إنهائها، ليعلن الرئيس سال تخليه عن الطموح لولاية ثالثة.
بيد أن الأزمة استفحلت من جديد عند ما أصدر المجلس الدستوري في السنغال القائمة النهائية التي ضمت 20 مرشحا رئاسيا ليس من بينهم كريم واد زعيم الحزب الديمقراطي السنغالي ونجل الرئيس السابق عبد الله واد، بحجة أنه ثنائي الجنسية، في حين أن اللائحة ضمت مرشحة مزدوجة الجنسية وهي زور ورديني.
وفي الأول من فبراير/شباط طالب نواب من الحزب الديمقراطي السنغالي بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق مع عضوين في المجلس الدستوري لاتهامها بأخذ الرشوة من أجل إبعاد كريم واد.
وفي السياق، صوّتت الأغلبية على طلب الكتلة البرلمانية المحسوبة على كريم واد بتشكيل لجنة تحقيق مع قاضيين من المجلس الدستوري وتأجيل الانتخابات الرئاسية، لكن رئاسة المجلس رفضت التعامل مع اللجنة البرلمانية بحجة أن البرلمان هيئة تشريعية لا قضائية، ولا يمكن أن يتهم أو يحاكم أعلى هيئة قضائية لرقابة القوانين.
وبالتزامن مع هذه الأزمة، أعلن الرئيس سال -الذي تشهد أغلبيته خلافات- يوم الثالث من فبراير/شباط الجاري تأجيل الانتخابات عبر مرسوم رئاسي.
خروج على القانون
وفي حديث للجزيرة نت، قال الخبير القانوني سيدي المختار ولد سيدي إن مبادئ الدستور السنغالي والقوانين المنظمة لا تقبل تأجيل الانتخابات لهذه الأسباب، لأن الآجال القانونية المنظمة للانتخابات آجال قاطعة، والمرسوم الذي وقّعه الرئيس يتعارض مع النصوص الدستورية والتشريعية الصريحة، ويمكن أن يعرّضه للمساءلة بعد الخروج من السلطة، لأن المساس بالدستور وتعطيله جريمة جنائية.
وأضاف ولد سيدي أن البرلمان أيضا لا يمكنه أن يتدخل في هذا الميدان، لأن الانتخابات ينظمها قانون قاطع، والبرلمان لا يتدخل في القوانين إلا بعد المصادقة والرقابة القبلية من المجلس الدستوري.
ويرى الخبير القانوني أن صناعة القوانين على نحو يخالف أصولها من أسباب المسؤولية الجنائية التي تعرض النائب للمساءلة.
وفي سياق الحرص على المكتسبات الديمقراطية والقانونية، وقّع عدد من الأكاديميين والمحامين في السنغال عريضة تطالب الرئيس بالرجوع عن قراره والانسياق للقوانين التي لم يسبق لأي رئيس في تاريخ السنغال الخروج عليها.
وفي السياق نفسه، طالب الاتحاد الأوروبي بإجراء الانتخابات في أقرب فرصة والابتعاد عن الغموض الذي يشوب العملية السياسية.
وأصدرت وزارة الخارجية الأميركية بيانا قالت فيه إن تصويت البرلمان على تأجيل الانتخابات لا يمكن أن يكون شرعيا، نظرا للظروف التي جرت فيها عملية التصويت.
وحثت الولايات المتحدة في بيانها الحكومة السنغالية على المضي قدما في الانتخابات الرئاسية وفقا للدستور والقوانين الانتخابية.
أما منظمة إيكواس التي طالما جعل منها ماكي سال منبرا للمطالبة بالديمقراطية في دول أفريقية تشهد انقلابات، فقد أعربت عن أسفها لما تمر به دكار من “خروج على مبادئ الديمقراطية”، وطالبت بالإسراع في الخروج من حالة الانسداد السياسي الذي يؤدي للفوضى.
ما وراء التأجيل
ووفقا لمجلة جون أفريك الفرنسية، فإن المحيط السياسي للرئيس سال أقنعوه بضرورة تأجيل الانتخابات الرئاسية حتى يتمكنوا من إيجاد وريث يكون قادرا على جمع الطيف السياسي من حوله.
وأضافت المجلة أن الرئيس يريد أن يعرف كيف تمكّن المجلس الدستوري من المصادقة على ترشيح باسيرو ديوماي فاي (بديل عثمان سونكو) الذي تدعمه الحركات الشبابية والنقابية.
وقد تحدثت تقارير إعلامية عن وجود أزمة داخل معسكر النظام، حيث تباينت مواقفه حول مرشح الرئيس آمادو باه.
كما تحدثت تقارير إعلامية محلية عن اقتناع الرئيس بأن مرشحه لن يكون قادرا على حسم السباق الرئاسي، واقتنع بضرورة التنسيق مع كريم واد المقرب من فرنسا والذي يحظى بقبول كبير داخل دوائر الدولة العميقة.
ويواجه باه مرشحيْن منشقين عن النظام الحاكم، هما الوزير الأول السابق محمد عبد الله ديون، ووزير الداخلية السابق علي نغوي ندياي.
وبالتزامن مع إعلان الرئيس سال تأجيل الانتخابات، أعلن الوزير الأمين العام للحكومة عبد اللطيف كوليبالي استقالته من منصبه في الثالث من فبراير/شباط الحالي، وهو ما يعني أن خلافات الأغلبية الحاكمة برزت للعلن.
وبعد أن تحدثت الصحافة في السنغال عن وجود خلافات بين الرئيس ومرشحه أمادو باه، أجرى الأخير مقابلة مع صحيفة جون أفريك في التاسع من فبراير/شباط الجاري شرح فيها موقفه من الأحداث الجارية، وقال “المشكلة الوحيدة بيني مع الرئيس سال هي أنه لا مشكلة بيننا”.
وفي حديث للجزيرة نت، قال الإعلامي والمحلل السياسي الحسين ولد حمود إن قراءة كواليس الأحداث في السنغال تشير إلى محاولة لترتيب الأوضاع أكثر داخل صف النظام من أجل انتقال سياسي في صالحهم.
مآلات الأزمة
ورغم أن السنغال كانت أنموذجا في غرب أفريقيا ولها تراكمات من القيم الديمقراطية، فإن أزمة تأجيل الانتخابات تجعل كل الاحتمالات واردة.
ويقول ولد حمود إن قرار تأجيل الانتخابات الذي بدا أنه خيار المرحلة السياسي الذي تتبناه الأغلبية الحاكمة قد يفجّر الصراع في الشارع ويؤدي إلى ما هو أسوأ، خاصة مع انعدام الثقة بين الأطراف السياسية التي سبق لها أن عاشت صراعات صعبة أفضت إلى ثني الرئيس الحالي عن الترشح لولاية ثالثة.
وأضاف ولد حمود أن الرئيس سال غير قادر على الاستمرار سياسيا، وإذا حاول فرض قراراته بالقوة فإن ذلك ربما يشكل المنعرج الذي قد يؤدي إلى تدخل الجيش وحسم الأمور.
ويرى أن السيناريو الأرجح هو أن تجرى الانتخابات في موعد أقرب من الموعد الذي حدده الرئيس ماكي سال في ديسمبر/كانون الأول المقبل، ويكون في ذلك حل يعطي قليلا من هامش المناورة السياسية للنظام مع التخفيف من مخاوف المعارضة.
وفي نهاية مقالتنا إذا كان لديك أي اقتراحات أو ملاحظات حول الخبر، فلا تتردد في مرسلتنا، فنحن نقدر تعليقاتكم ونسعى جاهدين لتلبية احتياجاتكم وتطوير الموقع بما يتناسب مع تطلعاتكم ونشكرًكم علي زيارتكم لنا، ونتمنى لكم قضاء وقت ممتع ومفيد معنا.