مال ورمضان.. كيف تبني ثروة وفق المبادئ الإسلامية؟ | اقتصاد – البوكس نيوز
البوكس نيوز – اخبار – نتحدث اليوم حول مال ورمضان.. كيف تبني ثروة وفق المبادئ الإسلامية؟ | اقتصاد والذي يثير الكثير من الاهتمام والجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكما سنتناول بالتفصيل حول مال ورمضان.. كيف تبني ثروة وفق المبادئ الإسلامية؟ | اقتصاد، وتعد هذا المقالة جزءًا من سلسلة المقالات التي ينشرها البوكس نيوز بشكل عام.
يختلف الإسلام في طريقة تعامله مع المال عن غيره، فالمال مال الله والإنسان مستخلَف فيه، وبذلك فالمسلم مسؤول عن هذا المال، كسبا وإنفاقا، أمام الله في الآخرة، وأمام الناس في الدنيا.
فلا يجوز أن يكتسب المال من معصية أو ينفقه في حرام، ولا فيما يضر الناس. والمال أداة للقياس ووسيلة للتبادل التجاري، وليس سلعة من السلع. فلا يجوز بيعه وشراؤه (ربا الفضل) ولا تأجيره (ربا النسيئة).
من هذا المفهوم للمال جاء الاقتصاد الإسلامي، وهو مجموعة المبادئ والأصول الاقتصادية التي تحكم النشاط الاقتصادي للدولة الإسلامية والتي وردت في نصوص القرآن والسنة النبوية، والتي يمكن تطبيقها بما يتلاءم مع ظروف الزمان والمكان.
ويعالج الاقتصاد الإسلامي مشاكل المجتمع الاقتصادية وفق المنظور الإسلامي للحياة.
1- الملكية في الإسلام
الملكية في الإسلام محددة بضوابط معينة، وأهمها أن المالك الحقيقي هو الله والإنسان مستخلف في هذا الملك، قال الله تعالى: (وإِذْ قالَ ربُّك لِلملائكة إنّي جاعلٌ في الأرض خليفةً)، وقال أيضا: (آمِنوا باللَّهِ ورسولهِ وأَنفقوا ممّا جعلَكُم مسْتَخلَفينَ فيه).
وهي نصوص دالة على أن أصل الملك هو لله سبحانه وتعالى، وأن العباد لهم حق التصرف الذي يرضى الله منهم، فهم مجرد نواب ومستخلفين فيما يملكون.
وتوضح أستاذة الاقتصاد والمصارف الإسلامية الدكتورة هناء محمد الحنيطي هذه النقطة قائلة إن “الأموال التي في أيديكم (الناس) إنما هي أموال الله، وجعلكم خلفاء في التصرف فيها لعمارة الأرض وتنمية الأموال، وذلك من خلال الإيمان بأن الله سخّر ما في الكون لخدمة الإنسان ولمزاولة نشاطه الاقتصادي، أي أن المخلوقات البشرية مسخرة بعضها لبعض لتحقيق نظام اجتماعي متعاون ومنظم، يقول الله تعالى: (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا، ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات، ليتخذ بعضهم بعضا سخريا، ورحمة ربك خير مما يجمعون).
والاستخلاف ليس مطلقا، بل محددا بقواعد وأصول بيّنتها الشريعة ووضعت لها القيود والضوابط في المدى والكيفية، وقد جاء في الحديث الشريف قوله صلى الله عليه وسلم عن الأمور الأربعة التي يسأل عنها العبد يوم القيامة ومنها “عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه”. وهذا يقودنا للحديث عن مفهوم الثروة في الإسلام.
2- الثروة في الإسلام
تكمن فلسفة الإسلام للثروة في أن الثروة ليس غاية بل هي وسيلة، وفي أن الثروة ليست الهدف، بل هي طريق نحو شيء أسمى وهو رضا الله في الدنيا والآخرة، ومن هنا جاءت مبادئ أساسية في الإسلام مثل الزكاة والصدقات والوقف ومنع الاحتكار وغيرها لتوزيع الثروة، ومنع تغول الأغنياء على الفقراء.
ويسمح الإسلام للناس بالسعي لاكتساب الثروة ضمن ضوابط محددة، وهنا توضح الدكتورة الحنيطي أن “الإسلام أباح للمسلم أن يجمع من الثروة ما يستطيع ضمن أحكام وضوابط الشريعة الإسلامية، وشرع من التشريعات والتوجيهات ما يشجع على اكتسابه وتحصيله بما يكفل له حياة كريمة قال تعالى: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور)”.
3- طرق تحقيق الثروة في الإسلام
أهم طرق تحقيق الثروة هو العمل الذي ينمي المال ويزيده، وهذا يعني توجيه الجهد نحو التنمية عن طريق الاستثمار بجميع الوسائل والأساليب التي تخضع لقاعدة الحلال والحرام، ورفض ما يتعارض منها مع أحكام وضوابط الشريعة الإسلامية، أو التي يكون هدفها تحقيق النفع الخاص فقط أو الربح على حساب الآخرين.
ويعتبر العمل أحد عناصر الإنتاج الأساسية، وهو يتطلب جهدا جسديا مثل العمل في الزراعة والصناعة والتجارة، وآخر فكريا مثل العمل في التأليف والقضاء والابتكار والإبداع وغيرها.
حث الإسلام على العمل والكسب وتحقيق الربح، حيث يعدّ الربح في الإسلام تنمية للمال نتيجة تقليبه في عمليات التبادل المختلفة بالطرق المشروعة المعرضة للمخاطر، لذلك قد يحصل الربح أو الخسارة في عمليات التجارة المختلفة.
وتوضح الحنيطي أن الإسلام وضع ضوابط للربح من أهمها:
- عدم أكل أموال الناس بالباطل
- عدم الغش والتدليس والغرر
- منع الاحتكار
- منع التجارة في السلع المضرة للمجتمع
وتوضح الحنيطي أن الربح يُستحق بثلاثة أشياء وهي:
- الربح بالمال: حيث يعد الربح نماء للمال الأصلي الذي تم استثماره في الأوجه المشروعة.
- الربح بالعمل: أما استحقاقه بالعمل فلأنه يشبه الأجرة فهو بذلك جزاء العمل ونتاجه.
- الربح بالضمان: لقوله صلى الله عليه وسلم: “الخراج بالضمان” أي مستحق بسببه، فإذا صار المال مضمونا على أي شخص بسبب شرائه وامتلاكه مثلا، أو بسبب من الأسباب التي توجب ضمانه، فإن الربح في هذه الحالة يصير إلى ذلك الشخص لضمانه إياه، ولأنه خراج المال والعائد منه، فهو تحمل المخاطر التي يمكن أن تقع، والخراج هو الدخل والمنفعة أي أن المشتري مثلاً يملك الخراج الحاصل من المبيع بضمانه الأصل الذي هو سبب ذلك الخراج.
4- لا يوجد حد للربح في الإسلام
لا يوجد حد معين للربح في الإسلام، ومرده يعود إلى تراضي البائع والمشتري لقوله الله تعالى: (يا أيّها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تَكونَ تجارةً عن تراضٍ منكم).
ولم يأت في الشريعة، قرآنًا ولا سنة، شيء يقيّد الربح بنسبة معينة، بل ترك هذا الأمر لضمير التاجر المسلم وسماحته، ومراعاته للعدل والإحسان ورحمته بالخلق، وهي مبادئ ثابتة في الاقتصاد الإسلامي.
5- الاستثمار
يعد الاستثمار من أهم طرق تحقيق الثروة في الإسلام، وهو يدخل ضمن مبدأ عمارة الأرض التي حث عليها الإسلام، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أحيا أرضًا ميتة فهي له”.
والمقصود بالاستثمار في المنهج الإسلامي هو تشغيل المال لزيادته عن طريق زيادة الإنتاج، وذلك لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية.
وقد حض الرسول صلى الله عليه وسلم على الاستثمار وفقاً لهذا المفهوم، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل”.
وتقول الدكتورة الحنيطي “يستطيع المسلم تحقيق الثروة من خلال الاستثمار بالأدوات الاستثمارية المشروعة في الاقتصاد الإسلامي، وتحقيق أقصى قدر ممكن من الأرباح مصاحبة لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية تنعكس على المجتمع ككل”.
6- التمويل
يشير مصطلح التمويل في الإسلام إلى تقديم الخدمات المالية طبقا للشريعة الإسلامية ومبادئها وقواعدها.
وتحرم الشريعة:
- تقاضي الربا (الفائدة)
- بيع الغرر
- الميسر
- عمليات البيع على المكشوف
- أنشطة التمويل التي تعتبر ضارة بالمجتمع.
وبدلا من ذلك ينبغي على الأطراف المعنية تقاسم المخاطر والمنافع المترتبة على المعاملات التجارية.
ويشمل التمويل الإسلامي:
- أنشطة الصيرفة
- التأجير
- الصكوك (السندات)
- الأسهم وصناديق الاستثمار وغيرها.
وفي عام 2021، بلغ إجمالي قيمة أصول أسواق التمويل الإسلامي العالمية نحو 3.95 تريليونات دولار. ومن المتوقع أن تصل قيمة الأصول الإجمالية لأسواق التمويل الإسلامي العالمية إلى 5.9 تريليونات دولار بحلول عام 2026.
وحسب الدكتورة الحنيطي، فإن “صيغ التمويل المباح تختلف باختلاف درجة السلطة التي يتمتع بها الطرف المتصرف بالمال والحقوق والالتزامات المترتبة عليها”.
وتوضح الحنطي:
- بعض صيغ التمويل المباح تتضمن إلقاء عبء اتخاذ القرار الاستثماري على الطرف العامل وحده، وحصر دور المالك بأن يضع ما يملكه من نقود تحت تصرف الطرف الآخر دون أن يكون له الحق بالتدخل في قرارات الإدارة والاستثمار كالمضاربة.
- بعض الصيغ الأخرى يقوم فيها المالك بتحديد نوع السلعة وامتلاكها وتحضيرها طبقا للمواصفات المطلوبة من قبل الطرف، ويتحمل ما ينشأ عن ذلك من التزامات ومسؤوليات مرتبطة بتملكه لها كالإجارة والبيع بالتقسيط مثلاً.
- وممكن من خلال عقود المشاركات التي تعتبر من أهم صيغ استثمار الأموال في الفقه الإسلامي، استخدامها في تمويل الأنشطة الاقتصادية المختلفة.
وفي نهاية مقالتنا إذا كان لديك أي اقتراحات أو ملاحظات حول الخبر، فلا تتردد في مرسلتنا، فنحن نقدر تعليقاتكم ونسعى جاهدين لتلبية احتياجاتكم وتطوير الموقع بما يتناسب مع تطلعاتكم ونشكرًكم علي زيارتكم لنا، ونتمنى لكم قضاء وقت ممتع ومفيد معنا.